مع الارتفاع الجنوني في الأسعار .. 90% من المصريين يعجزون عن شراء الوحدات السكنية

- ‎فيتقارير

 

 

يشهد سوق العقارات ارتفاعا جنونيا في الأسعار لدرجة تجعل أكثر من 90% من المصريين يعجزون عن شراء الوحدات السكنية التي يحتاجون إليها في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي .

 

ومع الارتفاع الكبير في الأسعار أصبح المتر السكني يتراوح من 30 لـ 40 ألف جنيه في التجمع، والكومباوند يبدأ من 60 ألفا  والتجاري لا يقل عن 200 ألف جنيه .

 

الخبراء في قطاع العقارات أرجعوا ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والعقارات عموما إلى تقلبات سعر الصرف وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وارتفاع أسعار الحديد ومواد البناء، وبالتالي زيادة تكاليف البناء.

 

وأكد الخبراء أن هناك حالة رواج في  بيع العقارات، رغم الارتفاعات الخيالية في الأسعار التي شهدتها السوق العقارية على مدار العامين الماضيين، متوقعين حدوث زيادات جديدة على الأسعار حال حدوث نقلبات في سوق وأسعار الصرف.

 

وقالوا: إن “الرواج في سوق العقارات يرجع إلى أن الاستثمار في العقار مازال هو الوعاء الادخاري الأكثر أمانا عن غيره من الأوعية الاستثمارية الأخرى، مطالبين بمزيد من الإجراءات والتيسيرات الحكومية لدعم القطاع العقاري وتشجيع الاستثمار في هذه الصناعة الضخمة”.

 

وكشف الخبراء أن التحدي الأكبر للشركات والمطورين حاليا هي قدرتهم على مواصلة المشروعات، وتسليمها وفقا للبرامج الزمنية لها في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار مواد البناء .

 

مستلزمات الصناعة

 

من جانبه توقع محمد البستاني رئيس جمعية المطورين العقاريين ارتفاعا كبيرا في أسعار العقارات الفترة المقبلة قد تتراوح بين 30 إلى 50%.

 

وقال البستاني في تصريحات صحفية: إن “الارتفاع ليس فقط في مواد البناء ولكن في كل المستلزمات الداخلة في الصناعة، مما يؤثر على تسعير الوحدات السكنية”.

 

وطالب حكومة الانقلاب بتقديم، حوافز للمطورين العقاريين بصورة كبيرة لدعمهم في مواجهة ارتفاع أسعار كل الخامات والمعدات والأجزاء المستوردة، والبعض ليس له بديل محلي مثل النحاس، والبعض الآخر يحتاج إلى مستويات رفاهية معينة للتجمعات السكنية تتطلب استيراد عدد من المكونات من الخارج.

 

وكشف البستاني أن بعض المطورين حاليا اضطروا لوقف البيع لحين تحديد دقيق لسعر المتر بعد الزيادات الضخمة الموجودة حاليا في السوق، مؤكدا أن استمرار وقف تصاريح البناء داخل القاهرة والبناء في المدن الجديدة عمل على زيادة أسعار الأراضي، وبالتالي زيادة في كل عناصر عملية البناء بدءا من الأرض والمعدات.

 

وأشار إلى أن هناك رواجا في عمليات الشراء بالسوق العقاري حاليا برغم الارتفاعات الخيالية،  خاصة أسعار العقار التجاري والإداري،  موضحا أن فلسفة المشتري أو الراغب في الشراء دائما تقوم على أن الشراء حاليا أفضل من الشراء في المستقبل، كما أن الشراء في الماضي أفضل من الشراء حاليا، وعلى مدار التاريخ العقاري خلال الـ50 عاما الماضية فإن العقار لم يخذل أحدا ولم يفقد قيمته.

 

وطالب البستاني بعدم تأجيل الشراء في ظل الارتفاعات المتواصلة خلال العامين الماضي والجاري، مؤكدا أن الاستثمار في العقار مازال على رأس قائمة الأوعية الادخارية الأخرى، وأنه قبل عامين فقط كان في استطاعة أي مشتر الشراء بسعر لا يتجاوز الـ8 آلاف جنيه للمتر في أعلى المناطق سعرا كالتجمع الخامس.

 

وحول سعر العقار الحالي، قال: إن “مناطق بيت الوطن بالقاهرة الجديدة تخطى سعرها حاليا 30 ألف جنيه للمتر السكني، وتراوحت أسعار النرجس الجديدة وشمال الرحاب بالتجمع بين 35 لـ40 ألف جنيه للمتر، فيما لا يقل سعر المتر في أي كمبوند حاليا بالتجمع عن 60 ألف جنيه، وكذلك يتراوح الإداري بين 120 لـ130 ألف ولا يقل التجاري بالتجمع عن 200 ألف”.

 

 ولفت البستاني إلى أن أسعار الشيخ زايد توازي وتنافس أسعار التجمع، فيما تقل أسعار عقارات أكتوبر عن التجمع وزايد بنسبة تتراوح بين 20 لـ30 %، وكذلك تنخفض عقارات الشروق عن التجمع بنسبة تصل لـ40 %، أما العاصمة الإدارية فتنخفض عن أسعار التجمع؛ نتيجة السماح بارتفاعات إضافية.

 

ارتفاع التكاليف

 

وقال المهندس وائل رمضان عضو مجلس إدارة غرفة التطوير: إن “هناك عددا من التحديات تواجه صناعة العقارات في مصر، أبرزها عدم استقرار أسعار مواد البناء  نتيجة للتقلبات الحادة في سعر الدولار، والتي تؤثر بشكل مباشر على تكاليف الإنشاءات وكذلك احتكار التجار للمواد البنائية؛ طمعا في الزيادة المتوقع حدوثها بشكل يومي، مما أدى إلى تزايد الأسعار بشكل غير مسبوق”.

 

وأكد رمضان في تصريحات صحفية أنه من الصعب تحديد حجم الزيادات السعرية المتوقعة خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن ذلك سيتم تحديده بناء على السياسات النقدية واتجاهات سعر الصرف وما يترتب عليها من ارتفاع في تكاليف مواد البناء.

 

وتوقع، تكرار سيناريو العام الماضي في زيادة أسعار بيع العقارات خلال العام الحالي، مع احتمالية تعويم سعر الجنيه في المستقبل القريب مؤكدا أن التحدي الأكبر يكمن في قدرة الشركات العقارية على تنفيذ وتسليم الوحدات المباعة في ظل ارتفاع التكاليف المتواصل، والتي تتطلب سرعة البدء في الإنشاءات بالتزامن مع عمليات البيع للتحوط من التكاليف المتزايدة.

 

تقلبات السوق

 

وكشف المهندس مروان فارس عضو جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، أن الاستثمار العقاري سيظل من الأصول القيّمة والمستدامة التي يُمكن أن توفر عائدات طويلة الأمد وتحمي الأموال من التقلبات في الأوقات الاقتصادية الصعبة .

 

وقال فارس في تصريحات صحفية: إن “أبرز التحديات التي تواجه القطاع العقاري هو تحرير سعر الصرف الذي يؤثر بشكل كبير على حركة أسعار العقارات، حيث تتباين الآراء والتنبؤات حول مدى تأثير تفاوت سعر الصرف على السوق العقارية، لافتا إلى أن هناك توقعات بارتفاع الأسعار بشكل كبير وحدوث ركود على الطلب، وهناك اتجاه آخر يتوقع نمو وازدهار المجال العقاري وزيادة الطلب كملاذ آمن لحماية قيمة المال”.

 

وأوضح أن المتوقع مع زيادة سعر الصرف حدوث زيادة الأسعار في سوق العقارات نتيجة زيادة أسعار المدخلات الأساسية من مواد البناء التي يتم استيرادها بالعملة الصعبة مما يزيد من تكلفة بناء المشروعات العقارية، إضافة إلى تأثير زيادة سعر الصرف على أسعار الفائدة، مما يؤثر على تكلفة الاقتراض للأفراد والمطورين والشركات.

 

وأشار فارس إلى أن  الفترة القادمة ستشهد زخما وإقبالا على شراء العقارات، وهو ما سيدفع الشركات والمطورين إلى المزيد من التوسع ولكن سيبقى البيع الحذر هو السمة السائدة، وتقسيم المشروع إلى عدة مراحل حتى يتسنى للشركات تعديل أسعارها بصورة مستمرة وفق وضع السوق، حتى لا تتضخم الفجوة بين أسعار البيع وتكلفة التنفيذ في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن أسعار مدخلات البناء خلال الفترة المقبلة.

 

وقال: إن “تقلبات السوق العقاري حاليا أحدثت عملية فرز للمطورين والشركات، وأخرجت مئات الشركات المزيفة من دائرة القطاع،  بحيث استمرت فقط الشركات التي تمتلك ملاءة مالية قوية تمكنها من مواجهة أي تحديات تطرأ على السوق العقاري، مطالبا  باتخاذ بعض الإجراءات لتحسين البيئة الاستثمارية في السوق العقاري مثل: تحفيز الطلب على العقارات من خلال تقديم تسهيلات في التمويل والضرائب والرسوم الحكومية والمبادرات التحفيزية، وتطوير البنية التحتية، وتنظيم السوق العقاري، وإصدار لوائح وقوانين مُلزمة تحمي المستثمرين، مع تعزيز الثقة في السوق  من خلال تحسين الشفافية وتوفير المعلومات وتقديم وتحسين الخدمات بشكل مهني وموثوق”.

 

قيمة العملة

 

وقال أحمد زكي، المدير التنفيذي لشركة عقارات: إن “زيادة الأسعار خلقت شعورا بالهلع والاندفاع بين الأفراد لشراء العقارات كوسيلة للحفاظ على قيمة أموالهم، موضحا أن ما ساهم في دفع هذا الزيادة الاستثنائية في المبيعات هو خفض قيمة العملة بنسبة 25٪ وهذا كان له الكثير من التداعيات كتأثير الدومينو، حيث أدى إلى زيادة التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، وبالتالي ارتفاع الأسعار في مختلف القطاعات، بما في ذلك العقارات، مما دفع الأفراد إلى البحث عن فرص استثمارية آمنة وموثوقة”.

 

وأضاف زكي في تصريحات صحفية، كذلك أثرت الاضطرابات العالمية وعدم انتظام القنوات التجارية بشكل كبير على أسعار المواد الخام، حيث وصل سعر طن الحديد إلى 55 ألف جنيه للطن في السوق السوداء، مقارنة بالسعر الرسمي غير المتوفر 39 ألف جنيه للطن.

 

وأكد أنه نتيجة لذلك، شهدت مواد البناء زيادة 60٪، حيث تشكل تكاليف البناء عادة حوالي 35٪ من إجمالي استثمارات المشروعات، والتي ارتفعت بمتوسط 80٪.