لا شك أن الغدر من صفات الصهاينة، وهذا ما يتأكد يوميا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر لليوم الـ138 على التوالي؛ حيث لجأ أبناء غزة إلى منطقة “المواصي” غربي خان يونس، التي أعلنها الاحتلال منطقة آمنة فيقصفها الجيش الصهيوني لتتفاقم الكارثة التي يتعرض لها الفلسطينيون ويسقط عدد من الضحايا بين شهيد وجريح.
البداية مع توجيه المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي نداءً عاجلا إلى كل السكان في حيي الزيتون والتركمان بمدينة غزة، بالانتقال فورًا عبر شارع صلاح الدين إلى المنطقة الإنسانية في المواصي غربي خان يونس، حرصا على سلامتهم، حسب زعمه.
وفي وقت لاحق، قصفت قوات الاحتلال منطقة المواصي مساء أمس، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، بينهم 3 أطفال و3 نساء، وتم نقلهم إلى مستشفى أبو يوسف النجار في مدينة رفح، وذلك رغم تصنيف الاحتلال للمنطقة على أنها آمنة.
قصف المناطق الآمنة
في الوقت الذي طالب فيه الاحتلال، على مدى الأشهر الماضية، سكان قطاع غزة النزوح إلى الجنوب تحت مزاعم أنها «مناطق آمنة»، بدا الوضع على أرض الواقع مغايرا تماما، حيث لم يسلم من قرر الفرار من القصف المتواصل في مناطق شمال ووسط القطاع.
وأظهر تحليل أجرته شبكة سي إن إن، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف مواقع عدة في غزة، كان قد أمر المدنيين في القطاع باللجوء إليها، منذ انتهاء الهدنة الإنسانية بين إسرائيل وحركة حماس في شهر ديسمبر الماضي.
وأوضحت الشبكة أنه في الأول من ديسمبر، أصدر الجيش الإسرائيلي خريطة لغزة – مقسمة إلى 623 كتلة مرقمة – تشير إلى المناطق التي يستهدفها القصف، والمناطق التي يجب على المدنيين الفرار إليها.
وباستخدام مقاطع الفيديو والصور التي تمت مشاركتها عبر الإنترنت، وصور الأقمار الصناعية والتقارير الإخبارية المحلية، تحققت الشبكة الإخبارية من شن عدة غارات إسرائيلية على المناطق التي أمرت المواطنين بالنزوح إليها.
وفي وقت لاحق، أمر الاحتلال سكان المناطق الواقعة شمال وشرق مدينة خان يونس جنوب غزة، بالتوجه إلى المناطق الآمنة في رفح الفلسطينية جنوب القطاع، وبعدها شن الطيران الإسرائيلي سلسلة متواصلة من الغارات الوحشية على المدينة، ما أدى إلى سقوط الآلاف من الشهداء والجرحى بين النازحين الذين كانوا يبحثون عن الأمان في المناطق الآمنة المزعومة.
الفرار إلى الموت
وتعرض النازحون من شمال قطاع غزة للقتل والاعتقال بعد أن فر أغلبهم من القصف الإسرائيلي العشوائي نحو المناطق الجنوبية المفترض أنها آمنة، ما دفع وزارة الداخلية بغزة للتأكيد على أنه لا ممرات آمنه مطلقا، مطالبة المواطنين «بعدم الاستجابة لأكاذيب الاحتلال التي تقودهم للقتل هناك».
ووفقا للشهادة التي نقلتها “قناة الغد” وتعود إلى نوفمبر الماضي، تشير نازحة فلسطينية إلى أنها اتجهت مع أفراد عائلتها نحو جنوب قطاع غزة، بعد أن ودعوا شهداء آخرين من عائلتهم في مستشفى الشفاء.
وتصف رحلتها المأساوية منذ أن توجهت مع آخرين جنوبا ظنا منهم أن الطريق سيكون آمنا، ليفاجؤوا بجنود الاحتلال الإسرائيلي يشنون حملة اعتقالات طالت ابنها.
وتساءلت: «كيف يحدث ذلك ونحن في المناطق التي قالوا إنها آمنة؟».
وطالبت السيدة الفلسطينية الصليب الأحمر بالتدخل لإنقاذ الأسرى النازحين، مشيرة إلى أن ابنها عمره 19 سنة، ولم يطلق الاحتلال سراحه حتى الآن.
كما روى نازح يحمل ابنه على كتفه، أنه شاهد خلال ترجله عديدا من الجثث المشوهة والسيارات المدمرة.
من ضمن المشاهد المأساوية، اضطرار سيدة للنزوح وهي تحمل ابنتها الرضيعة التي ولدت أثناء الحرب على غزة، مؤكدة أنها تركت منزلها، ولا يوجد معها طعام.
ويشير نازح آخر إلى أنه لا يوجد مكان آمن في المحافظة الجنوبية، مشيرا إلى أنه استجاب لتهديدات جيش الاحتلال عندما طلب منه التوجه إليها.
وأشار النازح الفلسطيني إلى عدم قدرته على العودة مرة أخرى إلى خان يونس، بسبب الدمار الذي لحق بالمحافظة، وصعوبة المعيشة هناك.