طوفان الأقصى.. المقاومة تعيد كتابة التاريخ بالقضاء نهائيا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر

- ‎فيتقارير

 رغم المجازر والإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين في قطاع غزة، إلا أن المقاومة الفلسطينية نجحت في تحقيق انتصار كبير على الصهاينة، لأول مرة في التاريخ، وقضت على أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وكشفت زيفه، رغم ما يمتلكه من أسلحة وأجهزة استخبارات ودعم أمريكي أوروبي بأحدث الأسلحة.

بهذا النصر سوف تعيد المقاومة الفلسطينية كتابة التاريخ ليس على ساحة الأراضي الفلسطينية فقط، بل على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم كله، وستدفع الأمريكان إلى مراجعة سياساتهم العنجهية التي ألحقت بهم هزائم مريرة في العديد من البلدان بداية من فيتنام ومرورا بالصومال والعراق وأفغانستان. 

في هذا السياق يؤكد الخبراء العسكريون والاستراتيجيون، أن نتيجة هذه الحرب حُسمت في الساعات الست الأولى من عملية «طوفان الأقصى»، وأن كل العمليات العسكرية المستمرة حتى الآن ليست سوى محاولات لتقليل حجم الهزيمة الكارثية على الكيان الصهيوني.

 

انتصار كبير

 من جانبه قال اللواء محسن السيد أحمد، الخبير العسكري والمفكر الاستراتيجي: إن “المقاومة نجحت في تحقيق انتصار معنوي كبير، يخلاف نجاحها في تحرير 150 فلسطينيا من سجون الكيان المحتل، ومنح فرصة لأهالي قطاع غزة لتنفس الصعداء بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية بكل أريحية، ما يخفف من معاناتهم وإنقاذ حياة الآلاف من المدنيين، بجانب منح الفرصة لإعادة تموضع عناصر المقاومة وتمركزها بما يتناسب مع تطور الصراع.

وأضاف «أحمد» في تصريحات صحفية أن الحرب أعادت الوجود الحقيقي على أرض الواقع لحركة حماس وأنها ضلع قوي في منظومة حل القضية، وأن السلطة الفلسطينية فقدت هيمنتها على القضية، موضحا أن إسرائيل اعترفت رسميا بذلك بدليل اتفاقها مع حماس على تبادل الأسرى.

وتابع، كل حسابات الربح والخسارة تؤكد أن المقاومة الفلسطينية انتصرت حتى الآن، لأنه كيف تكون مقاومة محاصرة تقاتل جيشا مدججا بالسلاح والطائرات والغرب والولايات المتحدة يدعمونه بجسور جوية وصواريخ وحاملات طائرات وبدعم استخباراتي وجنرلات أمريكية يتواجدون في غرفة عمليات مجلس الحرب الإسرائيلي، ولازالت صامدة وتحقق انتصارات عديدة.

وأشار «أحمد» إلى أن الحقيقة المؤكدة أن إسرائيل لم تنجح في تحقيق هدفها من الحرب، كما كانت تقول سواء بتدمير المقاومة نهائيا، وتحرير الرهائن والأسرى بالقوة، وأنه لا حديث عن وقف إطلاق النار إلا بعد تحرير الرهائن والأسرى، لكن الهدنة قضت على هدف الاحتلال وأجبرته على الجلوس والتفاوض، حتى ولو كانت هدنة 7 أيام فقط، بل أثبتت بالفعل أن أسطورة الجيش الإسرائيلي خرافة.

 

المقاومة البديل

 وأكد أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، قرر قبول الهدنة بعد أن فشل في السيطرة، حتى ولو على كيلومتر واحد داخل قطاع غزة، وبعد خسائره الفادحة في قوات النخبة والاحتياط والمعدات العسكرية، وأن كل ما فعله هو مهاجمة المدنيين والأطفال وقصف المستشفيات، وارتكاب المجازر التي تعد جرائم حرب وليست نصرا أو إنجازا.

وأشار «أحمد» إلى أن مكاسب إسرائيل الوحيدة من وجهة نظرها قطعا أن الهدنة ستخفف من الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو بشأن الأسرى والرهائن، وأيضا ستخفف من حدة الضغوط الخارجية عليها، خلاف الانصياع للإدارة الأمريكية التي ترى أنها أصبحت في وضع محرج أمام الضغوط الممارسة عليها من قبل العرب، ومن قبل دول كثيرة ضاغطة من أجل وقف إطلاق النار.

وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، من أكبر الخاسرين بسبب الحرب، حيث فقد تواجده السياسي في الحكومة وربما تكون الحرب نهاية تاريخه السياسي، نفس الأمر بالنسبة للسلطة الفلسطينية يوجد انحسار شديد لظاهرة السلطة الفلسطينية خاصة أبو مازن، حيث عقب انتهاء الحرب سوف يكون هناك مطالب بتغيير أبو مازن.

وأوضح «أحمد»  أن أهم المكاسب هي التأكيد على أن المقاومة الشعبية الفلسطينية هي البديل لتحرير الدولة، وأن قطاع غزة لا بد من تحريره من قبضة إسرائيل وأن الاتجاه هو وضعه تحت سيطرة دولية باعتبار ذلك نقلة نحو الاستقلال التام.

 

مكاسب عسكرية

 وأكد السفير صلاح فهمي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن حماس والفصائل الفلسطينية، حققت مكاسب عسكرية وسياسية، لم تحققها على مدار تاريخها، منذ الإعلان عن تأسيسها في منتصف الثمانينات، موضحا أنها نجحت في استغلال عامل الضغط في الداخل الإسرائيلى مع التأييد الغربي على المستوى الشعبي للمرة الأولى، وهزيمة إسرائيل للمرة الأولى أمام الرأي العام العالمي، وتستخدم ذلك كله لإطالة أمد الصراع، بما يُمكِّنها من الحفاظ على مكاسبها، وبما يعمل على ضمان استمرار وجودها في القطاع ما بعد انتهاء العدوان.

وقال «فهمي» في تصريحات صحفية: إن “قبول صفقة تبادل الأسرى شكل أزمة داخل إسرائيل، حيث يواجه نتنياهو حاليا تحديا داخليا، بعد رفض بعض وزراء حكومته المتطرفة هذه الصفقة؛ لأنها تُعتبر اعترافا علنيا بالهزيمة أمام الجانب الفلسطيني”.

وأشار إلى أن جميع الأطراف عليها أن تدرك أنه ما دام هناك نية لتسوية أمر معين كموضوع الرهائن والأسرى من الجانبين، فهذا معناه أنه قد يكون هناك نية للحديث عن بقية القضايا العالقة بين الجانبين في إطار تسوية القضية الفلسطينية، منوها إلى أن حكومة الليكود التي يرأسها نتنياهو باتت في حرج داخلي وخارجي بعد فشلها في تحقيق أهدافها والقضاء على حركة حماس، وكذلك فشلها في تحرير رهائنها لدى حماس، ما كشف ضعف المنظومة الاستخباراتية الإسرائيلية في مواجهة حماس، علاوة على الحرج أمام المجتمع الدولي الذي أدرك جيدا زيف الادعاءات الإسرائيلية.

وشدد «فهمي» على أن الحرب أثبت للحكومة الإسرائيلية، أن السلام مُمكن في نهاية المطاف إذا وصلت إسرائيل إلى قناعة باستحالة تحقيق أهدافها المُعلنة في الحرب، فقد مضى ما يقرب من الشهرين على الهجوم الوحشي الإسرائيلي ولم تتمكن إسرائيل من الوصول إلى الأسرى، ولا أعتقد أن أسابيع أخرى من الحرب ستؤدي إلى نتيجة مختلفة بالنسبة للإسرائيليين.

 

نقاط ضعف

 وأضاف أن فكرة قدرة إسرائيل على تحقيق أهداف الحرب من خلال استئناف القتال بعد انتهاء الهدنة، وتوسيع الحرب إلى جنوب قطاع غزة لن تجلب سوى المزيد من التحديات العسكرية التي تواجه إسرائيل، علاوة على العواقب الهائلة المنتظرة على المدنيين في حال توسيع الحرب إلى جنوب غزة، موضحا أنه مادامت إسرائيل لا تزال تواجه مقاومة في شمال القطاع، فهذا يعني أنّ المقاومة الفلسطينية لا تزال قادرة على الصمود لفترة طويلة.

وأوضح «فهمي» أن قبول نتنياهو بصفقة تبادل جزئية للأسرى تعكس نقاط ضعف إسرائيل في الحرب وتتمثل بشكل أساسي في ملف الأسرى وفي العجز العسكري والاستخباراتي في إدارة الحرب والقضاء على حركة حماس والإفراج عن كافة الأسرى كما ادعت من قبل.

وأكد أن الحرب أعادت الوجه النضالي والبطولي إلى حماس بعد أن فقدت وجهها السياسى في ممارسة الحكم، وأن أي ترتيبات مستقبلية لن تستطيع تجاهل حماس، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية لم تعد أهلا للثقة في نظر شعب غزة الذين لن ينسوا موقف عباس من العدوان، ويعزز ذلك الحديث الذي تم عن تواطؤ عباس مع إسرائيل وموافقته على العدوان لرغبته في الدخول إلى غزة على الدبابات الإسرائيلية .

وكشف «فهمي» أن حكومة نتنياهو خسرت الكثير بسبب الحرب، مشيرا إلى تقرير صادر عن الحكومة الإسرائيلية، يؤكد أن هناك نقصا واضحا في الأيدي العاملة بالمصانع الإسرائيلية، بسبب تجنيد بعض الموظفين في الجيش ومغادرة بعض الإسرائيليين لمنازلهم في إسرائيل، وهناك توقف دوري معتاد لإنتاج الكثير من المصانع الإسرائيلية نتيجة الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية تجاه المدن الإسرائيلية، وعدة قطاعات تأثرت اقتصاديا في إسرائيل، فقطاع البناء توقف بشكل كبير، وخبراء اقتصاد أكدوا أن عددا من العمال الفلسطينيين تم إلغاء تصاريحهم بسبب الحرب، وقطاع الفنادق والمطاعم انخفض بنسبة 10% بعد طوفان الأقصى ثم ارتفعت النسبة لـ20% مع بدء التوغل البري الإسرائيلي في غزة .

واختتم قائلا: “كما خسرت إسرائيل لأن كل ما يقال عن جيشها أنه لا يقهر أصبح من الماضي وليس صحيحا، خسرت إسرائيل لأنها ولأول مرة منذ عقود تخسر أكثر من ألف رجل قُتلوا على يد المقاومة، وخسرت إسرائيل، لأنها فقدت أكثر من 300 شخص منهم مجندين وضباط هم في عداد المحتجزين لدى المقاومة”.