بعد تدمير الصهاينة للمستشفيات.. الأمراض والأوبئة تهدد بإبادة جماعية لأهالي غزة

- ‎فيتقارير

 

كشفت الهدنة الإنسانية عن جرائم الاحتلال الصهيوني التي ارتكبها طوال حربه على قطاع غزة، حيث دمر الاحتلال أكثر من 60% من مباني القطاع، ما يعني تشريد أكثر من نصف السكان بجانب تدمير المنشآت الحكومية والتي كانت تقدم خدماتها للمواطنين ويأتي تدمير المستشفيات وتجريف القطاع الصحي وإبادة واعتقال الأطقم الطبية وقصف سيارات الأسعاف على قمة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال .

كما لم يتورع الاحتلال المجرم عن قصف المساجد والكنائس ودور العبادة والمدارس وتجريف الطرق، بالإضافة إلى منع دخول المساعدات وقطع الكهرباء والاتصالات والإنترنت، وهذا كله يجعل سكان القطاع يواجهون مأساة كبيرة في الوقت الذي لم تتنبه فيه الكثير من دول العالم إلى حجم الكارثة ولا تتعامل مع أهالي غزة بما يستحقون من تقديم كل أشكال الدعم لهم .

الأمراض والأوبئة

ويواجه سكان قطاع غزة تهديدا آخر يتمثل في انتشار الأمراض والأوبئة وفي هذا السياق قال موقع كونفرسيشن الأمريكي: إن “اكتظاظ الملاجئ، وانهيار الصرف الصحي ، وجثث الشهداء والضحايا غير المدفونة، علاوة على ندرة مياه الشرب النظيفة، جميعها عوامل تؤدي إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع”.

وحذرت يارا عاصي، باحثة بجامعة سنترال فلوريدا ومؤلفة كتاب “كيف تقتل الحرب: التهديدات المتغافل عنها” من الاستهانة بالأزمة التي تلوح في الأفق، مؤكدة أن الانتشار السهل للأمراض المعدية في ظروف الحرب يمكن أن يكون مدمرا تماما مثل الغارات الجوية ولا يقل خطورة، إن لم يكن أكثر خطورة من القصف.

وقالت يارا عاصي في تصريحات صحفية: إن “خدمات الرعاية الصحية في غزة التي كانت ضعيفة بالفعل قبل الحرب الهمجية الصهيونية ليس لديها القدرة على التعامل مع تفشي المرض على نطاق واسع”.

المنظومة الصحية

وكشفت تقارير صحفية عن أشكال أخرى من انتشار الأمراض المعدية في السنوات الأخيرة، وشهدت غزة عدة حالات تفشي سابقة لالتهاب السحايا وهو التهاب في الأنسجة المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي ناجم عادة عن العدوى ولا سيما في الأعوام 1997 و2004 و2013.

وقالت التقارير : “في أواخر عام 2019، تم الإبلاغ عن تفشي مرض الحصبة في غزة، وكان ما يقرب من نصف الحالات المبلغ عنها لأشخاص لم يحصلوا على التحصين اللازم ورغم معدل التطعيم المرتفع نسبيا في غزة بشكل عام، فإن هذه الفجوات في التطعيم وعدم القدرة على الاستجابة السريعة لتفشي المرض ترجع إلى التدهور الاجتماعي والاقتصادي المستمر منذ عام 2009، والصراع الذي لم يتوقف والحصار المستمر”.

وأشارت إلى أن جائحة كوفيد 19 ضربت قطاع غزة بشدة، وتفاقمت بسبب الحصار الإسرائيلي الذي منع استيراد معدات الحماية الشخصية الحيوية ومعدات الاختبار واللقاحات، ما يعني ضعف الرعاية الصحية في غزة بشكل عام، ومنذ بداية الصراع الأخير، أعربت منظمات مثل منظمة الصحة العالمية عن قلقها من أن العنف والحرمان يمكن أن يطغى بسرعة على المنظومة الصحية.

وقالت منظمة الصحة العالمية : “هناك عدة طرق تؤدي بها الحرب بشكل عام، والصراع في غزة بشكل خاص، إلى تسريع وتفاقم خطر الإصابة بالأمراض المعدية وبالتزامن مع بدء حملة القصف، فرض الاحتلال الإسرائيلي شروط الحصار على غزة وحال ذلك دون استيراد الوقود اللازم لتشغيل مولدات البنية التحتية الحيوية، وهناك حاجة إلى مولدات لأن إسرائيل قطعت الكهرباء عن غزة.

وأضافت، نفاد الوقود يعني عدم وجود كهرباء لمحطات تحلية المياه أو لجمع النفايات الصلبة، ونتيجة لذلك، اضطر الكثير من الناس إلى استهلاك المياه الملوثة أو العيش في ظروف تزدهر فيها حاملات الأمراض الحية، مثل القوارض والحشرات.

الأطفال

وتابعت المنظمة، حتى لوازم التنظيف الأساسية نادرة للغاية، والمعدات المستخدمة لتعقيم كل شيء من المعدات الطبية إلى زجاجات الأطفال غير صالحة، مشيرة إلى أن هذه الظروف غير الصحية جاءت في الوقت الذي كان يحاول فيه مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة الفرار من القصف إلى الأماكن القليلة المتبقية للاحتماء بها، وتسبب هذا في اكتظاظ هائل، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض المعدية.

وأشارت الى أنها أبلغت عن اتجاهات مثيرة للقلق منذ منتصف أكتوبر الماضى، بما في ذلك أكثر من 44 ألف حالة إسهال في غزة، موضحة أن الإسهال يشكل خطرا خاصا على الأطفال الصغار المعرضين للجفاف الشديد، وهو يمثل السبب الرئيسي الثاني للوفاة في جميع أنحاء العالم بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.

وأكدت المنظمة أن نصف حالات الإسهال التي تم الإبلاغ عنها في غزة منذ بدء حملة القصف الإسرائيلي كانت بين الأطفال دون سن الخامسة، مشيرة إلى أنه تم الإبلاغ عما يقرب من 9000 حالة من حالات الجرب وأكثر من 1000 حالة من حالات جدري الماء، وتم توثيق أكثر من 70 ألف حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي، وهو عدد أعلى بكثير مما كان متوقعا، موضحة أن هذه مجرد حالات تم الإبلاغ عنها؛ ومما لا شك فيه أن عددا أكبر من الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى المرفق الصحي للتشخيص يصابون بالمرض أيضا.

 

الأطباء

من جهة أخرى كشفت تقارير طبية عن انتشار الجدري والتهابات الجهاز التنفسي العلوي مثل الأنفلونزا وكوفيد-19 بسبب توقف تطعيم الأطفال، موضحة أنه مع انهيار الخدمات الصحية والحركة الجماعية للأسر يظل الأطفال الصغار وحديثي الولادة بدون لقاحات حيوية منقذة للحياة مع حلول فصل الشتاء، وهو موسم الذروة لالتهابات الجهاز التنفسي.

وأكدت أن التهابات الجهاز التنفسي العلوي تفاقمت بسبب كمية الغبار والملوثات الأخرى الموجودة في الهواء بسبب تدمير المباني أثناء القصف، مشيرة إلى التأثير المباشر لحملة القصف ونقص المضادات الحيوية بسبب الحصار وتدمير المرافق الصحية، ما يعني أن الأطباء غير قادرين على علاج آلاف المرضى الذين يعانون من جروح مفتوحة أو يحتاجون إلى عمليات طبية بما في ذلك عمليات بتر الأطراف.

وأشارت التقارير إلى أن الأطباء أصبحوا يفتقرون إلى ضمادات الجروح لحماية الإصابات من التعرض للتلوث، ويؤدي ضعف ضوابط الوقاية من العدوى وارتفاع معدلات الضحايا والتركيزات العالية للمعادن الثقيلة السامة، من بين عوامل أخرى، إلى مقاومة مضادات الميكروبات، والتي تحدث عندما تتطور البكتيريا والفيروسات بمرور الوقت بحيث لا تستجيب للمضادات الحيوية والأدوية المضادة للميكروبات الأخرى، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مشاكل صحية لفترة طويلة.

وحذرت من أن وجود جثث تحت الأنقاض، وعدم القدرة على انتشالها، أو حفر مقابر جماعية لها بالقرب من المواقع التي يلجأ إليها الآلاف من سكان غزة، تتسبب في خطر متزايد للإصابة بالأمراض الناجمة عن عدم القدرة على التخلص من الجثث بشكل مناسب.

ولفت التقارير إلى أن الحرب الصهيونية الهمجية في غزة تسببت في عدد كبير من الضحايا والشهداء لا يقل عن 15 ألف شهيد و30 ألف مصاب محذرة من أن تجاهل الأوضاع الصحية في غزة سيؤدي إلى انتشار سريع للأمراض المعدية، وهذا قد يؤدي إلى عدد وفيات ومعاناة أكبر للسكان قد تفوق ما تسببت فيه الحرب الصهيونية على القطاع .