غالبية حصيلة الصادرات الخدمية المصرية تتجه للسوق السوداء

- ‎فيمقالات

بلغت حصيلة الصادرات الخدمية المصرية في العام الماضي 31.6 مليار دولار، مقابل مدفوعات خدمية للخارج بلغت 15.2 مليار دولار، لتحقق التجارة الخدمية المصرية فائضا بلغ 16.4 مليار دولار، وهو ما يفوق الفائض بالتجارة الخدمية المصرية خلال العشرين عاما الماضية، متخطيا الرقم القياسي الذي تحقق عام 2008 حين بلغ 15.7 مليار دولار.

وتوزعت متحصلات الخدمات المصرية ما بين: 12.2 مليار دولار من السياحة و11.8 مليار دولار من خدمات النقل البحري والجوي والبري ورسوم عبور قناة السويس، و3.2 مليار دولار من الخدمات الحكومية التي تقدمها القنصليات المصرية في الخارج للمصريين المغتربين، ومليار واحد دولار من خدمات الاتصالات، و565 مليون دولار من الأتعاب القانونية ونفقات الاستشارات القانوني، و635 مليون دولار من الإعلانات ورسوم التراخيص، و622 مليون دولار من خدمات الحاسب الآلى والمعلومات، و540 مليون دولار من خدمات التشييد والبناء في الخارج، و362 مليون من الخدمات التأمينية، و276 مليون دولار من الخدمات المالية، و107 ملايين دولار من الخدمات الشخصية والثقافية والترفيهية وتصدير أفلام ومسلسلات، و182 مليون دولار من الخدمات الأخرى.

86 في المائة من الحصيلة لثلاث خدمات

وهكذا استحوذت السياحة بما تملكه مصر من آثار فرعونية وقبطية وإسلامية وشواطئ ممتدة على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط ورحلات بواخر في النيل على نسبة 39 في المائة من مجمل المتحصلات الخدمية، تليها رسوم عبور قناة السويس بنسبة 24 في المائة، وباقي خدمات النقل بمختلف أنواعه 13 في المائة، ليصل نصيب خدمات النقل متضمنة قناة السويس 37.5 في المائة، وحصيلة خدمات القنصليات في الخارج 10 في المائة، وبما يعني استحواذ كل من السياحة وخدمات النقل والخدمات الحكومية على نسبة 86 في المائة من مجمل حصيلة الخدمات.

حققت عشرة أنواع من الخدمات فائضا لمصر، عدا خدمات التأمين والخدمات الأخرى التي حققت عجزا، وتصدرت خدمات النقل للفائض بنحو 8.7 مليار دولار بسبب رسوم عبور قناة السويس، والسياحة بفائض 6.8 مليار دولار، والخدمات الحكومية التي تقدمها القنصليات في الخارج بفائض 1.4 مليار دولار، والاتصالات 715 مليون دولار
وكان نصيب باقي أنواع الخدمات التسع نسبة 14 في المائة من الحصيلة، تصدرتها خدمات الاتصالات بنسبة 3 في المائة، وكل من الإعلانات ورسوم التراخيص والحاسب الآلي والمعلومات 2 في المائة لكل منهما، واقترب من ذلك نصيب الأتعاب القانونية وخدمات التشييد.

وعلى الجانب الآخر توزعت مدفوعات الخدمات ما بين: 3.1 مليار دولار لخدمات النقل بأنواعها المختلفة والتي يتم تقديمها للسفن والطائرات والحافلات المصرية في الخارج، و1.8 مليار دولار للخدمات الحكومية من بعثات وتدريب وسفر للمسؤولين، و472 مليون دولار للحاسب الآلي والمعلومات، و395 مليون دولار للإعلانات ورسوم التراخيص، و371 مليون دولار لخدمات التأمين، و355 مليونا للأتعاب القانونية، و319 مليون دولار لخدمات الاتصالات و289 مليون دولار لخدمات التشييد التي تقدمها شركات أجنبية بمصر، و31 مليون دولار خدمات مالية، و30 مليون دولار للخدمات الشخصية والثقافية والترفيهية، و2.5 مليار دولار للخدمات الأخرى.

وهكذا حققت عشرة أنواع من الخدمات فائضا لمصر، عدا خدمات التأمين والخدمات الأخرى التي حققت عجزا، وتصدرت خدمات النقل للفائض بنحو 8.7 مليار دولار بسبب رسوم عبور قناة السويس، والسياحة بفائض 6.8 مليار دولار، والخدمات الحكومية التي تقدمها القنصليات في الخارج بفائض 1.4 مليار دولار، والاتصالات 715 مليون دولار.

غالب الموارد الخدمية لا تذهب للحكومة

يظل السؤال مطروحا من قبل الكثيرين من أنه إذا كانت المتحصلات الخدمية قد بلغت 31.6 مليار دولار في العام الماضي، فلماذا لم يؤد ذلك إلى تهدئة مشكلة النقص بالعملات الأجنبية، والتي زادت حدتها خلال العام، والمستمرة حتى الآن مع ارتفاع سعر الدولار كدلالة على كبر حجم العجز الدولاري؟
ويظل السؤال مطروحا من قبل الكثيرين من أنه إذا كانت المتحصلات الخدمية قد بلغت 31.6 مليار دولار في العام الماضي، فلماذا لم يؤد ذلك إلى تهدئة مشكلة النقص بالعملات الأجنبية، والتي زادت حدتها خلال العام، والمستمرة حتى الآن مع ارتفاع سعر الدولار كدلالة على كبر حجم العجز الدولاري؟

وتشير الإجابة إلى أن الموارد الخدمية التي تتجه للحكومة مباشرة تقتصر على إيرادات قناة السويس التي بلغت 7.6 مليار دولار، والرسوم التي حصلتها القنصليات المصرية في الخارج والبالغة 3.2 مليار دولار.

أما باقي حصيلة الخدمات فيتجه معظمها لشركات القطاع الخاص كشركات السياحة والنقل والاتصالات والإعلانات والتأمين والإنتاج السينمائي والبنوك، بينما تحصل البنوك الحكومية والشركة المصرية للاتصالات المملوكة للحكومة، وشركات التأمين الحكومية وشركات المقاولات الحكومية، على جزء من تلك المتحصلات الخدمية.

وتقوم غالبية الشركات الخاصة التي تحصل على إيرادات دولارية من تصديرها للخدمات المختلفة بالاحتفاظ بتلك الموارد، وعندما يتطلب الأمر لديها تدبير بعض السيولة لمواجهة المصروفات المعتادة من أجور ونفقات تشغيل، تقوم باستبدال جانب مما لديها من الدولارات في السوق السوداء للاستفادة من فارق السعر، والذي وصل في كثير من الأوقات إلى تسع جنيهات في الدولار الواحد، مما يغري الكثير من الشركات العامة بالاستفادة منه أيضا.

مصر رقم 36 بالصادرات الخدمية الدولية

ودائما ما تحقق التجارة الخارجية الخدمية المصرية فائضا، بعكس التجارة الخارجية السلعية التي تحقق عجزا مزمنا منذ خمسة عقود بلا انقطاع، ومن هنا فإن الفائض الخدمي يخفف من أثر العجز التجاري السلعي، إلى جانب الأثر الإيجابي لتحويلات المصريين في الخارج.

إلا أن كبر قيمة العجز التجاري السلعي مضافا له الفوائد الضخمة المدفوعة لاستثمارات الأجانب بمصر، يصيب الحساب الجاري الذي يتضمن متحصلات ومدفوعات موازين التجارة السلعية والخدمية والتحويلات وفوائد الاستثمار، بالعجز الدائم منذ عام 2008 وحتى الآن.

وتتأثر حصيلة معظم الصادرات الخدمية بالمتغيرات الدولية والداخلية بشكل سريع، فعندما استولى الجيش على السلطة منتصف عام 2013 وتم إعلان الطوارئ في آب/ أغسطس 2013، تكدس السياح الموجودون في مصر بالمطارات انتظارا للعودة إلى بلادهم، ومن هنا شهد النصف الثانى من العام عجزا بالميزان التجاري الخدمي كأمر غير مسبوق.

ومع ظهور فيروس كورونا عام 2020 تراجعت الإيرادات السياحية، مما أدى لتراجع الفائض في الميزان الخدمي إلى 4.6 مليار دولار خلال العام، مقابل 12.1 مليار دولار في العام السابق، ومع تراجع التجارة الدولية تتأثر إيرادات قناة السويس مثلما حدث في سنتي 2015 و2016، ومع تدهور الأحوال الأمنية في الدول الأفريقية تتأثر إيرادات خدمات التشييد فيها، ومع انخفاض أسعار النفط تتأثر إيرادات الخدمات المتعلقة بدول الخليج العربي من سياحة وتشييد واستشارات وغيرها.

ظل الخطاب الرسمي يتحدث عن استفادة السياحة من ضعف الجنيه المصري، إلا أن الأمر تحكمه عوامل أخرى منها زيادة تكلفة الخدمات السياحية المستوردة نتيجة ضعف الجنيه المصري، وظاهرة حرق الأسعار التي يقوم بها الكثير من أصحاب المنشآت السياحية لاستقطاب الزبائن، إلى جانب تسبب ضعف الجنيه في إنفاق السائح مبالغ أقل، للحصول على نفس الخدمات
أما عن موقع مصر بتجارة الخدمات الدولية، فقد احتلت مصر في العام الماضي المركز السادس والثلاثين بالصادرات الخدمية، بعد كل من الإمارات وتركيا والسعودية بنصيب أربعة في الألف من مجمل الصادرات الخدمية الدولية، البالغة 7.1 تريليون دولار حسب منظمة التجارة العالمية، ولتخرج مصر من قائمة الدول الثلاثين الأولى في التجارة الخدمية الدولية بنصيب ثلاثة في الألف منها.

أما عن مركز الصادرات الخدمية المصرية من مجمل موارد النقد الأجنبي بالعام الماضي، فقد احتلت المركز الثاني بعد الصادرات السلعية، وبنصيب 19.5 في المائة من مجمل الموارد مقابل نسبة 27.7 في المائة للصادرات السلعية، واقتربت حصيلة القروض والودائع منها من نسبة 19.2، تليها تحويلات العاملين في  الخارج بنسبة 17.4 في المائة، بينما جاء الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل في المركز الخامس بنسبة 15.5 في المائة.

ويظل الخطاب الرسمي يتحدث عن استفادة السياحة من ضعف الجنيه المصري، إلا أن الأمر تحكمه عوامل أخرى منها زيادة تكلفة الخدمات السياحية المستوردة نتيجة ضعف الجنيه المصري، وظاهرة حرق الأسعار التي يقوم بها الكثير من أصحاب المنشآت السياحية لاستقطاب الزبائن، إلى جانب تسبب ضعف الجنيه في إنفاق السائح مبالغ أقل، للحصول على نفس الخدمات والمشتريات التي يريد الحصول عليها.

……………..

نقلا عن "عربي 21"