السيسي يصر على حلول (النعامة) لمواجهة السبع العجاف مع بدء أثيوبيا الملء الثالث لسد النهضة

- ‎فيتقارير

 

 

 

في ظل إصرار أثيوبي على الملء الثالث واستكمال البناء في  سد النهضة، الذي وصلت فيه نسبة الإنشاءات إلى 88%، يواصل السيسي ونظامه العسكري التفريط والخيانة بحق النيل وبحق المصريين المهددين بالعطش لتراجع حصة مصر من المياه إثر تخطيط أثيوبيا لحجز أكثر من 10 مليار متر مكعب خلال الملء الثالث لسد النهضة، الذي سيتم خلال شهري أغسطس وسبتمبر المقبلين، بل يفاقم السيسي أوجاع المصريين ، بتبني مشاريع موسعة لتحلية مياه الصرف والبحر، لتعويض النقص الحاد في المياه، وهو ما يكلف ميزانية الدولة مليارات الدولارات، مفضلا عدم اللجوء للحلول الخشنة  المستحقة مع أثيوبيا.

 

والغريب أنه في ظل الأزمة المالية الطاحنة بمصر، يحمل السيسي ميزانية الدولة بنودا مالية إضافية ضخمة لمعالجة المياه بدلا من حل جذري لأزمة السد.

 

 

ويستشهد خبير المياه الدولي الدكتور محمد حافظ، على دخول مصر في مرحلة السنوات السبع العجاف، بإقدام وزارة الري هذا العام على عدم تصريف مياه بحيرة السد العالي بعد سنوات من الفقد.

 

وقال  للأناضول إن "هذا أمر يُحترم، في ظل أنه قد نكون مقبلين على آخر السنوات السمان وأول السنوات العجاف مع إقبال إثيوبيا على حجز 10.5 مليار م3 ما سيؤدي لنقص في التدفقات المقبلة.

 

ووفق خبراء وتقديرات استراتيجية، فإن القاهرة التي تبدو عاجزة عن حماية مياه النيل، قد اختارت الرخاوة والحلول اللينة في الوقت الملتهب بالسخونة والجو الحار في شهور الصيف الحالية، إذ لجأت لانتهاج استراتيجية تعتمد على تعظيم الاحتياطي الاستراتيجي من المياه، وطرق أبواب دبلوماسية عالمية، وتنمية العلاقات مع السودان ودول أفريقيا،  لمواجهة الملء الثالث لسد النهضة الإثيوبي المقرر في أغسطس المقبل.

 

هذه المحاور الثلاثة الرئيسية، وفق رصد لتقديرات رسمية وأخرى لخبراء تندرج ضمن ما يمكن تسميته بـخطة احتواء وتقليل آثار سلبية للملء الثالث لكنها لا تصل للمنع.

 

وتتضمن المحاور وفق الخبراء، 5 مواقف وتحركات مصرية، بينها العودة إلى المفاوضات، ورهان غير رسمي على عدم قدرة أديس أبابا على الالتزام بملء كامل كما حدث في الملء الثاني من تراجع في كمية السعة التخزينية المعلنة سلفا.

 

والسد الذي اكتمل بناؤه حاليا بنسبة 88% بحسب سفير إثيوبيا لدى روسيا "أليمايهو تيجينو" يستهدف تخزين 74 مليار م3 استطاع أن يستوعب منهم 4.5 مليار م3 بالملء الأول في يوليو 2020.

بينما جذب الملء الثاني بعد عام، 13.5 مليار م3 بتقديرات إثيوبية رسمية، مقابل أحاديث فنية مصرية غير رسمية، تذهب إلى أنه لم يتجاوز 3.5 مليار م3 فقط، لعدم اكتمال إنشاءات السد، وسط انتظار لملء ثالث يقدر رسميا بنحو 10.5 مليار م3.

 

ومنذ نحو 11 عاما، تتخوف القاهرة والخرطوم من تأثير السد على حصتهما المائية 55.5 مليار م3 و18.5 مليار م3 على التوالي، غير أن إثيوبيا تربط بين بناء السد وحاجتها للكهرباء، وتؤكد عدم وجود ضرر منه على البلدين وترفض توقيع اتفاق قانوني للملء والتشغيل.

 

وفي 27 مايو الماضي، قال مدير مشروع السد "كيفلي هورو" في تصريحات متلفزة، إن "الملء الثالث سيكون بأغسطس وسبتمبر المقبلين، مؤكدا استحالة وقف الملء فنيا، ونافيا احتمال انهياره".

 

وبينما رفضت الخارجية السودانية وقتها هذا الإعلان، تجاهلت القاهرة لنحو أسبوعين الرد، وبالتزامن أعادت للواجهة التمسك بأهمية إبرام اتفاق قانوني وذلك في 5 مباحثات أوروبية وأفريقية للسيسي في الفترة من 30 مايو الماضي حتى منتصف يونيو الجاري.

 

وجاءت المباحثات مع رئيس بولندا "أندريه دودا" ومفوض الاتحاد الأوروبي "أوليفر فارهيلي" وأمام مسؤولين أفارقة بمؤتمر طبي، ووزيرة خارجية ليبراتا "مولامولا"، ورئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين".

 

وسجل السيسي في مقابلة متلفزة يوم 13 يونيو الجاري، أول رد مصري على الملء، كاشفا اعتماده 3 محاور لمواجهة دبلوماسية وفنية وسياسية.

تدور حول الدبلوماسية وننفذ مشروعات للاستفادة القصوى من المياه.

قائلا  "عملت كل ما يمكن عمله" في تلميح لاستبعاد الخيار العسكري.

 

ويراهن السيسي على عدة مواقف وسيناريوهات.

أولها، العودة إلى المفاوضات، والتي هدفها ليس منع الملء ولكن تقليل آثاره والدفع نحو اتفاق ملزم.

ووفق خبراء فإن مصر قد تقبل بالعودة إلى المفاوضات، وذلك تزامنا مع إعلان أديس أبابا في 10 يونيو الجاري، اهتمامها باستئناف المفاوضات المجمدة منذ نحو عام.

 

ويقلل خبراء من جدوى المفاوضات، إذ أنه طالما التفاوض لا يعتمد على منهجية خشنة فلا تغيير بمساره الذي قد يشهد طرحا لسيناريو بيع المياه وهذا أمر خطير للغاية.

ويتماشى سيناريو بيع المياه مع مقررات المؤسسات الدولية، نحو تسليع المياه وإمكانية إخراجها من أحواض الأنهار إلى أماكن أخرى غير منتمية للأنهار، وهو ما يحلو لإسرائيل التي تستهدف وصول مياه النيل إلى أراضي النقب المحتلة بجنوب فلسطين ، كمشروع قومي لزراعتها وتنميتها.

بينما لا تستطيع مصر مجاراة الأمر نظرا لفقرها المالي وحجم احتياجاتها المائية الضخمة ، وتحولها لمنطقة جافة غير ممطرة، ما يهدد الشعب بالعطش أو الهجرة خارج مصر، وهو ما تضمنته مذكرة مصر أمام مجلس الأمن الشتاء الماضي، والتي قدرت هروب أكثر من 40 مليون مصري ، بعد جفاف أراضيهم.

 

أما التحرك الثاني المحتمل هو تصعيد في تحركات واتصالات السيسي  ووزير خارجيته "سامح شكري" عربيا ودوليا لتأمين تأييد قوى لصالح موقف القاهرة والضغط على إثيوبيا.

 

وثالث التحركات، هو اتخاذ خطوات نحو السودان وأفريقيا، وذلك عبر تعزيز تواجد أكثر أفريقيا، عبر خطوات عملية ملموسة كان منها البدء ببناء سد تنزانيا في 2018.

أما الاتجاه الرابع، فهو تعظيم احتياطي المياه، مع مشروعات تأهيل الترع ومعالجة المياه وغيرها.

 

ووضعت مصر رسميا خطة تصل لعام 2037 باستثمارات تصل إلى 100 مليار دولار لإقامة مشاريع تعظم من موارد المياه منها التحول لنظم الري الحديث والمعالجة ولديها اجتماعات دورية لبحث كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي من نهر النيل أحدثها تم في 7 يونيو الجاري.

وهذا الموقف يحمل ميزانية الدولة بنود مالية إضافية ضخمة لمعالجة المياه بدلا من حل جذري لأزمة السد.

5احتمال اللجوء أما التوجه الخامس، فيتمثل في  إمكانية اللجوء لمجلس الأمن ، وهي آلية دبلوماسية مهمة تستخدم وتخدم سعي مصر لنيل تأييد كبير بقضية السد، إلا أن الاستقطاب الحاد في المواقف الدولية ، على خلفية الحرب الأوكرانية الروسية، لن يخدمم مصر، حيث تتمتع أثيوبيا بغطاء استراتيجي صيني روسي، سبق استخدامه،ويدعم الجانب الأثيوبي في مشاريعه في العمق الأفريقي.

وهو ما يرجح عدم التوجه لمجلس الأمن كخيار، في ظل معرفة أقصى ما لدى المجلس في جولتين سابقتين من مطالبة الأطراف بالذهاب لتفاوض دون قرار مؤثر.

 

وكانت أبرز التحركات المصرية في الملء الأول والثاني إيصال قضية السد لمجلس الأمن، مع اتصالات سياسية ومفاوضات فنية ما لبثت أن جمدت منذ نحو عام.

ووسط غموض مستقبل السد وتأثيره الكارثي على مصر، فمن المؤكد أن يوجد خيار أو توجه سادس تلجأ له مصر وهو تخريب السد أو إجبار أثيوبيا على التراجع بأي وسيلة خشنة، إلا أن خيانة السيسي ونظامه العسكري الخائن والذي يخشى ضياع كرسي الحكم منه في حالة اندلاع أي مواجهات عسكرية تكون مصر طرفا فيها، يعرقل الأمر ويدفع مصر نحو المجهول من عطش وجفاف وتراجع حصتها المائية المقرة بالقوانين والمواثيق الدولية.