دولة الاحتلال وسياسة “فرش الملاية”

- ‎فيمقالات

أثبتت التجربة أن إسرائيل لا تقل تخلفا عن معظم الدول الواقعة في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ضمن منظومة الدول النامية، فقد فرشت حكومة الاحتلال “الملاية” لمؤسسات التصنيف العالمية عندما اقتربت من تصنيفها وخفضته للمرة الأولى في تاريخ الدولة العبرية، رغم تلكؤ وتردد ونفاق ومماطلة تلك الوكالات على مدى أكثر من 4 أشهر.

 

وملأت تلك الحكومة الدنيا صياحا وعويلا وترهيبا وضغوطا وتشكيكا في قرار الخفض، بل وحذرت أي وكالات أخرى تقدم على تلك الخطوة، وإلا ستكون مع الأعداء وضد الدولة العبرية.

 

لم تختلف اللهجة الحادة التي استخدمتها إسرائيل ضد وكالة “موديز” عندما أقدمت قبل أيام على خفض تصنيفها عن تلك الأصوات الصادرة عن حكومات دول عربية ونامية عقب مس وكالات التقييم العالمية تصنيف دولها الائتماني، أو التشكيك في متانة اقتصادها حتى لو كان بناء على معايير موضوعية.

 

وأثبتت إسرائيل بشكل عملي في ردها على تصنيف موديز أنها لا تختلف كثيرا عن تلك الحكومات من حيث تصوير الخفض على أنه مؤامرة كونية تسعى لوقف الطفرة الاقتصادية الكبيرة للدولة العبرية، ووأد النجاح المالي الساحق لإسرائيل وترهيب الاستثمار الأجنبي وتشويه الصورة الناصعة للبلاد!

 

عقب خفض موديز لتصنيف إسرائيل، أصابت حكومة الاحتلال لوثة عقلية، وتطاولت رموز نظامها السياسي على الوكالة العالمية بعد أن فشلت سياسة ترهيبها في وقف قرار خفض تصنيف الاقتصاد، والنظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، على خلفية خطر انتشار الحرب على غزة إلى الجبهة الشمالية لدولة الاحتلال مع جماعة حزب الله.

 

زاد السعار الإسرائيلي عقب خفض موديز تصنيف 5 بنوك كبرى، وتهديدها بخفض تصنيف الدولة مرة أخرى في حال اتساع دائرة الحرب، كما زاد بسبب عدم وصف الوكالة حماس وحزب الله بالمنظمتين الإرهابيتين في تقريرها الأخير.

 

وبعد أن اتهمت تلك الرموز السياسية موديز بالتحيز لصالح أعداء إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، خرج علينا وزير المالية القومي المتطرف بتسلئيل سموتريش ليقول إن التخفيض “لا يستند إلى حجج اقتصادية جادة، وهو مجرد بيان سياسي يستند إلى نظرة جيوسياسية عالمية متشائمة لا أساس لها من الصحة، تعكس عدم الثقة بقوة إسرائيل، وبصلاح مسعاها في مواجهة أعدائها”، وإنه يرتكز على “انعدام الثقة في عدالة” الحرب.

 

وراح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يهذي حينما قال إن “تخفيض التصنيف غير مرتبط بالاقتصاد، وسيرتفع مرة أخرى في اللحظة التي ننتصر فيها في الحرب، وسوف ننتصر”.

الاقتصاد الإسرائيلي ينزف بشدة بسبب الكلفة الباهظة للحرب على غزة، فالتكلفة تقترب من 70 مليار دولار، والاحتلال سيحتاج إلى اقتراض نحو 58 مليار دولار هذا العام لتغطية تكلفة الحرب. وهذا الرقم يزيد عن 3 أضعاف حجم عجز الموازنة في عام 2022.

 

ودولة الاحتلال باتت على موعد مع تخفيضات أخرى في تصنيفها، قد تقذف بها إلى دائرة اقتصادات الدول التي تعاني من أزمة مالية في حال طول أمد الحرب واتساع رقعتها، وتدهور الوضع الأمني والجيوسياسي والاقتصادي لإسرائيل.