إعلان جنين منطقة عسكرية.. هروب إسرائيلي للضفة بحثا عن صورة انتصار بعد هزائمه بغزة

- ‎فيعربي ودولي

بعدما نجحت المقاومة الفلسطينية في تكبيد الاحتلال الصهيوني عدة هزائم نفسية وعسكرية وبرية واقتصادية، علاوة على انصراف التأييد الدولي عن دعم إسرائيل، لم يجد نتنياهو وجيشه المهزوم في غزة وسيلة لإعادة صورته المزعومة، بعد انكشاف حقيقتها في غزة على أيدي المقاومة، سوى توسيع عدوانه بالضفة الغربية، التي لا تغطيها الهدنة المؤقتة التي دخلت فيها إسرائيل اضطرارا بعد فشل حملتها العسكرية بغزة، وتكبدها مرارة الهزيمة الأكبر لها منذ حرب أكتوبر 1973.

 

مواجهات مسلحة

حيث أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة جنين منطقة عسكرية مغلقة، وذلك بعد اقتحامه المدينة الليلة، حيث تخلل الاقتحام مواجهات مسلحة مع المقاومين الفلسطينيين في مدينة جنين ومحيط مخيمها.

 واقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال ترافقها جرافات مدينة جنين، وسط انتشار لقناصتها على أسطح عدد من المباني وإطلاق صفارات الإنذار في المخيم والمدينة.

كما طوقت قوات الاحتلال أحد المنازل وسط تحليق للمسيرات في سماء المدينة، منذ أمس، فيما أصيب  3 فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال التي تحاصر مستشفيي جنين وابن سينا.

كما تسمع أصوات انفجارات قوية ومتتالية في المخيم وحارة الدمج في محيطه، وتواترت أنباء عن استهداف قوات الاحتلال عدة منازل بإطلاق الصواريخ عن طريق المسيرات وفرضت حصارا على مخيم جنين من جميع الجهات.

وبحسب بيان لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، احتجز الجيش الإسرائيلي أحد طواقم الإسعاف التابع للجمعية أمام مستشفى جنين الحكومي، ومنع نقل مصاب بالرصاص الحي في القدم إلى المستشفى، وأضافت الجمعية أن جيش الاحتلال اعتقل لاحقا المصاب من داخل سيارة الإسعاف على مدخل المستشفى.

 

تصعيد غير مسبوق

وفي سياق متصل، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة من الضفة الغربية تركزت في مدينة أريحا ومخيم عقبة جبر، وبلدة العيساوية في القدس المحتلة حيث اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي أطلقت قنابل الغاز والصوت بكثافة تجاه السكان. بالإضافة إلى اقتحام قريتي يتما وبيت فوريك في مدينة نابلس، وعرابة جنوب جنين، حيث دهمت قوات الاحتلال منازل عدد من المواطنين خلال عمليات الاقتحام بهدف اعتقال من تصفهم بالمطلوبين.

وما زالت الضفة الغربية تعيش على وقع تصعيد إسرائيلي غير مسبوق منذ بداية معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، حيث يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي مداهمات وحملات اعتقال هدفها المعلن هو القضاء على المقاومة الفلسطينية وضرب الحاضنة الشعبية لها.

واعتقلت القوات الصهيونية اليوم الأربعاء، 5 فلسطينيين من محافظة رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية.

كما اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الجلزون، شمال رام الله، واعتقلت كلا من رامي التايه وراجي موسى التايه وشفيق مصاروة وصالح نوفل، بعد أن داهموا منازلهم، وفتشوها.

كما اعتقل جيش الاحتلال ثمانية فلسطينيين من محافظة نابلس، شمال الضفة الغربية.

فيما انسحبت قوات الاحتلال، صباح اليوم الأربعاء، من مخيمي عقبة جبر، جنوب أريحا، شرق الضفة الغربية، وعين السلطان القريب من مدينة أريحا، عقب مداهمة عدة منازل والاعتداء على العائلات واعتقال شابين من عقبة جبر، فيما اندلعت اشتباكات مسلحة بين مقاومين وتلك القوات.

وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي قيام مقاومين فلسطينيين بتفجير عبوة ناسفة محلية الصنع في آلية لجيش الاحتلال الذي يقتحم المخيم منذ أمس الثلاثاء.

وفجّرت المقاومة عشرات العبوات المتفجرة محلية الصنع في الآليات العسكرية، لتعوق تقدم قوات الاحتلال إلى قلب مخيم جنين.

وانتشر عشرات القناصة على الأبنية في أطراف المخيم، تحميها الآليات العسكرية، فيما تقوم الجرافات بتجريف وتدمير الشوارع والطرقات التي تعرضت لتدمير كبير خلال الأيام الماضية، ولم يتسع الوقت لأهالي المخيم لصيانتها بسبب الاقتحامات المتواصلة، ومع ذلك تقوم الجرافات بمزيد من التدمير في البنية التحتية.

بينما تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بمحاصرة عدد من مستشفيات مدينة جنين مثل ابن سينا والرازي.

ووفق تقديرات استراتيجية، فإن الاحتلال أدخل الضفة الغربية بسياق الحرب على قطاع غزة بوتيرة منخفضة عن القطاع، لكن أكبر مما كانت عليه في الضفة بكثير، مستهدفا عددا من الأهداف وراء الاقتحامات المتوحشة التي تعيشها الضفة الغربية بشكل شبه يومي، وهي القضاء على جيوب المقاومة وتحديدا في المخيمات، وإنهاء الحاضنة الشعبية لها، والمزيد من إضعاف السلطة الفلسطينية الحالية، وكل هذه الأهداف يتم تحقيقها وسط استعراض عسكري انتقامي متوحش وتخريب منظم للبنية التحتية في المخيمات الأكثر فقراً وتهميشاً في الضفة الغربية بشكل شبه يومي. وهو ما يحقق للاختلال نصرا معنويا يبحث عنه بعد هزيمته في غزة.

 

16 اقتحاما مدمرا

ووفق شهود عيان فإنه رغم أن مخيم جنين تعرض للكثير من الاقتحامات قبل الحرب على قطاع غزة، إلا أنه سجل منذ الحرب 16 اقتحاما مدمرا، ويقوم الاحتلال بتدمير البنية التحتية في مخيم جنين بشكل منظم، وحتى اليوم تم إعادة ترميم البنية التحتية أكثر من سبع مرات منذ بداية العام.

كما أن الاحتلال يتبع سياسة جديدة منذ الحرب الحالية تقوم على قطع المياه والكهرباء والإنترنت عن مخيم جنين، وتجريف الشوارع وإلحاق أكبر الأضرار بالبيوت والمنشآت في المخيم.

وذلك كله بهدف ضرب الحاضنة المجتمعية عبر تخريب البنية التحتية، وإرغام الناس على ترك المخيم ليقوم بالاستفراد بالمقاومين، في الوقت الذي تتوجه فيه كل الأنظار نحو حرب الإبادة في قطاع غزة، ولا أحد ينتبه لما يدور في الضفة.

بينما يرى البعض ان حملات الاعتقالات التي تصل لنحو 100 باليوم الواحد، هدفها إيجاد حصيلة من المعتقلين الفلسطينيين ليساوم به المقاومة في غزة، ضمن اتفاق تبادل الأسرى مع حماس.

حيث أطلق الاحتلال نحو 180 معتقلة وشابا دون 19 عاما، في 5 مرات لتبادل الأسرى خلال أيام الهدنة الستة المتفق عليها برعاية قطرية أمريكية مصرية.

ورغم وحشية الاقتحامات في مخيم جنين، حيث تم قصف المقاومين بالطائرات المسيّرة في أكثر من مرة، فإن المواجهة ما زالت غير مباشرة حتى الآن بين جنود الاحتلال والمقاومة.

وتحوم طائرات الأباتشي في سماء جنين ومخيمها في تحذير مباشر للمقاومة الفلسطينية، فضلاً عن الطائرات المسيّرة التي استخدمت لقصف المقاومين أكثر من مرة، وذلك على العكس من مخيم بلاطة الذي شهد في الأيام الماضية مواجهة مباشرة مع جنود الاحتلال الذين حوّلوا المخيم إلى ثكنة عسكرية لمئات الجنود الذين دهموا بيوت الشهداء والأسرى، وقاموا بتخريبها وانتشروا في الشوارع والحارات وحاصروا المخيم على مدار يومين تقريبا.

وينعكس التصعيد العسكري الدموي في المخيمات باستخدام القصف عبر المسيّرات كطريقة مفضّلة إسرائيليا للاغتيالات منذ الحرب على قطاع غزة، ما ينتج عنها أعداد كبيرة من الشهداء وتدمير كامل في المباني، كما هو الحال في مخيمات: جنين، وبلاطة، طولكرم، ونور شمس، أو من خلال اجتياح بمئات الجنود والآليات العسكرية، واعتقال العشرات من المواطنين كما هو الحال في مخيمات العروب والفوار في الخليل، وبلاطة في نابلس، وعقبة جبر وعين السلطان في أريحا.

 

الهروب من غزة

 إلى ذلك، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن جملة من العوامل تضغط على جيش الاحتلال وصانع القرار السياسي في إسرائيل بشأن عودة العمليات العسكرية في قطاع غزة، رغم أن الجيش لديه القدرة القتالية بوجود جسر جوي أمريكي. .

وشكك -خلال تحليله لقناة الجزيرة- في استمرار دعم واشنطن للحرب على غزة، لافتا إلى أن سقف الدعم بدأ يتراجع، في وقت يريد الحزب الديمقراطي أن ينقذ نفسه.

وأشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي -بعد عودة المحتجزين وفشل الجيش في إطلاق أي أسير- يتجه لتفضيل المسار السلمي، خاصة إذا كانت فاتورة تكاليف الخسائر البشرية عالية.

وبشأن إقرار رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي بفشل الجيش والاستخبارات في منع هجوم 7 أكتوبر، قال الدويري إن الفشل كان سياسيا وكذلك عسكريا من الناحية الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية، ثم توالى الفشل في الأيام اللاحقة بعمليات إنزال خلف الخطوط في غلاف غزة واقتحام قاعدة زيكيم البحرية.

وفيما يتعلق بالهجوم البري على غزة، أكد أن الاحتلال اعتمد على عامل السرعة والمفاجأة تحت مبدأ الترويع والصدمة، لكن مسار العمليات على الأرض كان دائما فشلا استخباريا رغم القصف الناري غير المسبوق.

ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يعد ذاك الجيش الذي هزم الجيوش العربية بعدما اعتمد في السنوات الأخيرة على التكنولوجيا بشكل مفرط وبناء الجدران على طول الحدود مع سيناء والأردن وغزة، “وبات متحصنا خلف جدر”.

وكان المتحدث العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، كشف أن جنود الجيش الإسرائيلي يصرخون ويستغيثون بأعلى أصواتهم أمام المقاومة الفلسطينية، وهو ما يصفه الدوري بأن هذا الجيش يصول ويجول في الضفة الغربية لأنه يواجه أناسا عزلا، في حين يكون أجبن من أن يواجه أي قوة عسكرية.