«نصيب الفرد من موازنة العام الجديد 3 جنيهات ونصف يومياً».. هل يعطيهم السيسي للمصريين لبانا أم كبريتا؟

- ‎فيتقارير

اجتمع السفاح السيسي بداية العام الجاري 2022، برئيس حكومة الانقلاب ووزير المالية، وأمر السفاح برفع الحد الأدنى للأجور من 2400 إلى 2700 جنيه، القرار قوبل بتضخيم إعلامي واسع وبروباجندا منظمة عبر الصحف والفضائيات والمواقع وحتى الكتائب الإلكترونية التابعة للعسكر على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لإظهار السفاح بصورة الحريص على دعم الفئات الفقيرة والمهمشة رغم أنه يسحقهم بفرض المزيد من الرسوم والضرائب الباهظة ورفع الأسعار بشكل  جنوني.

واليوم وبتوجيه من المخابرات لامتصاص غضب الشارع واستيعاب الغليان، قالت النائبة أميرة العادلي، عضو برلمان الدم إن "المواطنين يعانون من قرارات أزمة اقتصادية طاحنة، وهناك عدة ملاحظات بشأن الموازنة العامة للدولة، وتلك نبرة حنان لا يعقبها أي تحرك من عصابة الانقلاب في اتجاه التخفيف عن المصريين".

 

المواطن بـ 3 جنيهات

وقالت العادلي، إن "حجم الإعفاء الضريبي المقرر 20 ألف جنيه في الوقت الذي نجد فيه أن الحد الأدنى للأجور2700 جنيه فقط، وهو ما يعني أننا نضع مواطنين دخولهم أقل من الحد الأدني للأجور ، ومطالبين بتسديد الضرائب، ما يزيد من أعبائهم الاقتصادية".

وأضافت أن تحديد الموازنة لـ90 مليار جنيه للسلع التمونية لـ71 مليون مستهدفا للتموين، سنجد أن نصيب الفرد يوميا 3 جنيهات ونصف فقط، مؤكدة أن هذا الرقم هو  أحد الأرقام في الموازنة للدعم على سبيل المثال لا الحصر.

ظل نصيب صغار العمال والعاملين بأجر حول العالم ولا سيما في مصر والدول العربية غير الخليجية يتآكل خلال العقود الأخيرة في ظل غياب التفاوض الجماعي، والحرية النقابية والدراسات اللازمة، ومع غياب حد أدنى للأجر على المستوى القومي، صار الوضع مثيرا لقلق المؤسسات المالية الدولية التي تقرض النظام العسكري في مصر، مثل البنك الدولي.

حيث يلاحظ الأخير أن كل عشرة جنيهات يخلقها الاقتصاد المصري، تذهب 7.5 منها إلى القلة من أصحاب الثروات ورءوس الأموال و2.5 منها فقط تذهب إلى الأغلبية من أصحاب الأجور، ثم يحصل كبار الموظفين على معظم ذلك النصيب الضئيل.

ويقدر نصيب الواحد في المائة الأغنى بمصر بنحو 18% من إجمالي الدخل؛ بمعنى أن 900 ألف فرد يملكون وحدهم حصة من الدخل القومي تعادل مجموع الدخول التي يحصل عليها 45 مليون مواطن، وذلك وفقا لدراسة قام بها توماس بيكيتي وفريقه البحثي عن مصر وعدد من دول الشرق الأوسط.

وتنتشر في مصر منذ عقود ظاهرة العمال الفقراء وهم أولئك الذين يكدون ويعملون لكن أجورهم تبقى متواضعة لا تسمح لهم بالصعود إلى أعلى خط الفقر العالمي، وقد قدر البنك الدولي في 2009 نسبة العمال الفقراء في مصر بنصف عدد العاملين، وهي النسبة التي تزايدت في أعقاب ثورة يناير ثم انقلاب 3 يوليو 2013م، وتزايدت بشدة في أعقاب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016م.

 

أغنياء وفقراء

وتبقى مصر من الدول القليلة التي ينعدم فيها حد أدنى للأجور على المستوى القومي، حيث يتركز معظم العاملين الفقراء في القطاع غير الرسمي، يليه القطاع الخاص.

وبعيدا عن الشد والجذب بين عصابة الانقلاب والمصريين، يظل السؤال كيف يواجه المصريون هذه الأوضاع ؟ لبيان ذلك، كان علينا تتبع سير حياة واحدة من العائلات، فاستجابت ريم 31 عاما وفتحت لنا صندوق أسرار إدارتها مع زوجها لشؤون العائلة الاقتصادية.

هي تعمل في مجال الجرافيك لست ساعات كل يوم، وتتقاضى 1300 جنيه، فيما يتقاضى زوجها بالمتوسط 3100 جنيه، نظير عمل بين 10 إلى 12 ساعة يوميا كموظف خدمة عملاء في شركة "طلبات" وهي شركة وسيطة بين المستهلكين والمطاعم.

تشرح كيف ينفقان الـ4400 جنيه، لتأمين متطلباتهما فضلا عن طفلتهما الصغيرة ، لا نحتاج إلى دفع إيجار شهري كوننا نسكن في شقة بمنزل عائلي يملكه والد زوجي، وهذا وفر علينا في الأقل 1500 جنيه.

تتلاشى الابتسامة التي كانت قد لاحت على وجهها وتقول "ما عدا ذلك، كل شيء محسوب بدقة، حتى عدد الصابونات التي نستخدمها، لا نشتري مطلقا شيئا فائضا عن الحاجة سواء من مواد غذائية أو غيرها، أي إنفاق غير ضروري سيدفعنا حتما للاستدانة، وهذه مشكلة كبيرة نناضل من أجل تجنبها".

يظهر القلق في ملامح وجهها فجأة وهي تقول "ماذا لو لم أكن أعمل أو كنا نسكن بالإيجار؟ كيف كان سيتدبر زوجي قائمة المتطلبات غير المنتهية ونحن فقط ثلاثة أفراد لا غير؟ طفلتنا لوحدها تحتاج إلى نحو 700 جنيه لشراء ما يلزمها، وننفق نحو 1000 جنيه على المواصلات".

الحل لإبعاد أسرة ريم وغيرها من الأسر المصرية عن خط الفقر "يكمن في الغالب من خلال أعمال إضافية يتحملون مشاقها غير مكترثين بقوانين زيادة الحدود الدنيا للأجور التي لا أحد يعلم إن كانت ستنفذ أم لا؟

هذا ما يلخص به الخبير الاقتصادي بهجت منير الوضع الاقتصادي لشريحة يعدها الأكبر في مصر ولا يستبعد، إزاء الزيادة السكانية وتباطؤ النمو الاقتصادي، أن تتزايد معدلات البطالة والفقر ، بحيث لن تعالجها أية قرارات وصفها بـالترقيعية على غرار زيادة الحد الأدنى للأجور.