اعتراف حكومي بإغلاق 8500 مصنع .. هذا ما جناه المصريون من حكم السيس!

- ‎فيأخبار

 

 

على الرغم من حملات الدعاية الترويجية الضخمة التي يستخدمها نظام الانقلاب  لإيهام الداخل والخارج بأن مصر تسير في الاتجاه الصحيح وأنها تطور صناعاتها لتنافس الدول الكبرى، إلا أن الواقع أسوأ مما يتخيله المواطن، وفق شهادات عدد من نواب النظام ورجال الأعمال الذين شنوا هجوما برلمانيا حادا على وزيرة الصناعة والتجارة، بمجلس النوا ب أمس الأحد، فيما تتمسك الوزيرة بالحديث بوردية ونرجسية على القطاع الصناعي المصري، مستعملة سلاح العجزة، بالإشادة بتوجهات السيسي وتوصياته ، في محاولة لتبرئة نفسها ونظامها من المسئولية عن تراجع مشاركة القطاع الصناعي في الناتج القومي ، بجانب إغلاق أكثر من 8500 مصنع، في الفترة الأخيرة.

واقع المصانع المصرية المزري والمعبر عن انهيار نظام المنقلب السيسي  وانعدام رؤيته للصناعة المصرية، والتي باتت على الهامش في ظل اهتمام النظام بالمشاريع العقارية والمرافق والخدمات كأسس الدخل القومي المصري، وهو ما سبب الأزمة المالية والاقتصادية التي تضرب مصر حاليا.

 

أبرز الكوارث

 

 

وتتلخص مشكلات الصناعة المصرية في توقف وبيع المصانع المملوكة للدولة بأقل من نصف  قيمتها من أجل تسريع الخصخصة وبرامج السيسي للتخلص من القطاع الحكومي إرضاء للممولين وللمؤسسات الدولية المانحة.

 

كما يعاني القطاع الصناعي من عدم توفير الأراضي الصناعية للمستثمرين بأسعار مناسبة، وصعوبة تدبير الدولار لهم لاستيراد الخامات اللازمة للصناعة.

علاوة على غياب رؤية وزيرة الصناعة والنظام  حيال النهوض بقطاع الصناعة، وإنقاذه من الأزمات التي يعاني منها حاليا ، إذ أن  حجم الناتج القومي من الصناعة لا يجاوز 750 مليار جنيه فقط.

بينما سعت العديد من الدول النامية لاستغلال أزمات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية لتعظيم إنتاجها الصناعي، وزادت من حجم التصدير والإنتاج لتغطية حاجة الأسواق للمنتجات الصناعية.

الصناعة المصرية 

ومع تفاقم مشكلات الصناعة المصرية في ظل الأزمة العالمية الأخيرة، كان على السيسي ونظامه العسكري -الذي لا يؤمن بالعلم أساسا- أن يشكل لجنة باسم "إدارة الأزمات" تضم ممثلين عن وزارات الصناعة والمالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية والبيئة والكهرباء والبترول، لفك التشابك بين هذه الوزارات في المجال الصناعي، ولكن ذلك لم يحدث وتُركت الصناعة كما بقية القطاعات تواجه المجهول.

وهو ما عبر عنه رجل الأعمال ووكيل لجنة الصناعة محمد السلاب ، بقوله، إن "الحكومة ليست لديها إجراءات حقيقية لتوطين المنتج المحلي في مصر، مضيفا أن أي مستثمر يأتي إلى مصر يعاني من عذاب رهيب حتى ينهي الإجراءات والاشتراطات الحكومية لتنفيذ مشروعه".

 

وتابع "منذ عامين، ولا يستطيع أي مستثمر شراء أرض في مصر، وتصريحات المسؤولين الحكوميين عن تسهيل إجراءات توفير مدخلات الإنتاج لصالح الصناعة المحلية هي للاستهلاك الإعلامي" مستطردا "لا توجد إرادة حقيقية للنهوض بهذا القطاع الهام والحيوي، والأسباب متعددة وراء أزمة الصناعة المصرية، ومنها عدم توفر الدولار للمُصنّعين لاستيراد الخامات بعد رفع سعره مؤخرا مقابل الجنيه".

إلى جانب  ذلك، لم تقدم الدولة شيئا لتشغيل المصانع المحلية، و50% تقريبا من مساحات المناطق الصناعية غير مستغلة، فمثلا محافظة المنيا  يعمل فيها 200 مصنع فقط من أصل 580، والمساحة المتبقية من المنطقة الصناعية غير مستغلة، كما أن الهيئة العامة للتنمية الصناعية فيها أشخاص لا يصلحون لشغل مناصبهم، وفق ما أكده نواب مقربون من السيسي.

كما أن الحكومة الانقلابية تضع أسعارا مرتفعة للغاية في المدن الصناعية بدلا من أن تكون بالمجان، إذ يصل سعر المتر إلى 700 جنيه في المدن الصناعية، بخلاف تحمل المستثمر جميع تكاليف توصيل المرافق.

يشار إلى أن الجهاز المركزي للمحاسبات أكد مؤخرا في تقاريره، أنه  جرى بيع الشركات المملوكة للدولة بأقل من ربع ثمنها الفعلي بسبب سياسة الخصخصة.

ووفق شهادة النائب عبد العليم داود، فإن الصرف الصحي يحاصر المنطقة الصناعية في محافظة كفر الشيخ، والبوم والغربان احتلت مصانع مصر، ولا نجد فيها تنمية أو صناعة، عكس ما يقال في وسائل الإعلام.

ويوميا يتزايد أعداد المصانع المغلقة والتي وصلت وفق تقديرات وزارة الصناعة نفسها نحو 8500 مصنع، فيما المصريون يعتمدون في مأكلهم ومشربهم على المنتجات الأجنبية المستوردة، ووفقا للتقارير الرسمية، فإنه يوجد من 8000 إلى 8500 مصنع متوقف، وهي أرقام مفزعة، الأمر الذي نتج عنه تشريد العمالة، وتفشي البطالة في القطاع.

 

ومؤخرا، كشف اجتماع للجنة الصناعة في جمعية رجال الأعمال المصريين عن تعطل 88% من قوة التشغيل في المصانع المصرية، خلال الشهر الحالي، جراء وقف استيراد مكونات الإنتاج للمصانع والشركات، بعد صدور تعليمات البنك المركزي بوقف الاستيراد من دون موافقته، وتضاعف أسعار السلع والخامات.

 

ووفق  مجد الدين المنزلاوي، الأمين العام لجمعية رجال الأعمال، فقد خرج عدد من كبرى الشركات العالمية من العمل في مصر، بسبب التعقيدات التي تضعها الأجهزة أمام المصنعين، ومن  تلك الشركات شركة" فايزر" الأميركية لصناعة الأدوية والتي عرضت مقرها بالجيزة للبيع، وانتقالها للعمل في منطقة الشرق الأوسط من المغرب، بعد أن نقلت الإدارة الإقليمية أعمالها إلى دبي.

 

وقررت شركة "كابري" لصناعة الشكولاتة والمواد الغذائية التوجه إلى الأردن، في إطار تخارج (انسحاب) كثير من المستثمرين الأجانب، الذين يفضلون التعامل مع السوق المصري كموردين من الخارج، لما يجدونه من عنت من الجهات الرسمية وعلى رأسها هيئة التنمية الصناعية والجمارك والضرائب والمحليات.

ووفق أعضاء جمعية رجال الأعمال، فإن نسبة التشغيل في المصانع لم تتعد 12% مطلع الأسبوع الحالي في 153 منطقة صناعية، وفقا لبيانات اللواء حازم عنان نائب رئيس هيئة التنمية الصناعية، التي ذكرها خلال اجتماعه باتحاد الغرف الصناعية، أثناء مناقشة أزمة تراخيص الحماية المدنية بالشركات، حيث ترفض البنوك التعامل معها من دون حسمها مع وزارة الصناعة.

فيما يرجع رجال الأعمال تصاعد أزمة القطاع الصناعي إلى تنازع الجهات التنفيذية سلطة الإشراف على الصناعة، في وقت تعمل فيه كل جهة على زيادة حصيلتها، بفرض مزيد من الرسوم والقيود التي تسيء إلى مناخ الاستثمار في مصر، وتدفع بشركات دولية تعمل فيها منذ سنوات طويلة للخروج وبناء مصانعها في دول مجاورة بالمنطقة.

 

أزمات مستمرة 

 

وأكدوا أن الخروج من أزمات الحاضر له الأولوية القصوى ، لأنه من دون النجاح في اجتياز الأزمة الحالية، سيفقد القطاع الصناعي والزراعي قدرته على الصمود، ولن يكون هناك مستقبل للاستثمار إلا إذا شعر رجال الأعمال المصريين بالطمأنينة في توفير مناخ العمل الجيد للعمل، وهو أمر ينتظره المستثمرون الأجانب، الذين يخشون من القدوم إلى مصر حاليا.

 

 

كما يسبب البنك المركزي كثير من المشكلات للمصانع والشركات الصناعية، إذ  أن البنك يلزم المستوردين بدفع كامل قيمة الواردات بالدولار، قبل الحصول على إذن الاستيراد للمنشآت المستثناة من شروط فتح الاعتمادات المستندية

 

 

كما تعطل البنوك إجراءات فتح الاعتمادات للواردات، التي تحتاج مدة تزيد عن 3 أشهر، بما يؤكد عدم فهمهم مطالب الصناعة، التي تتفق على استيراد معدات، تصنع خصيصا وفقا للطلب، ومن بينها الأدوية والمكونات الصناعية المختلفة، المسموح باستيرادها حاليا.

 

وفي هذا الإطار يتسأل مصطفى إبراهيم، عضو الجمعية، مستنكرا، لماذا يذهب المستثمرون إلى دولة حبيسة وبها حرب داخلية مثل إثيوبيا ويفضلون السعودية والأردن ودبي عن مصر حاليا؟ مؤكدا أن ذلك لا يرجع إلى زيادة حوافز الاستثمار عن مصر، بقدر إزالتهم المعوقات التي تجعل من رجل الصناعة محاربا على كل الجبهات الرسمية.

الفساد الكبير 

وأكد أن الفساد الإداري دفع الجهات الحكومة إلى عدم الالتزام بقانون تفضيل المنتج المحلي وتفصيل المناقصات، بما يحول دون مشاركة المصنعين المحليين في مناقصات تستنزف موارد العملة الصعبة وتعرقل تطوير الصناعات المحلية.

 

وطالب بوقف الضرائب الجزافية على الصناعات المحلية والتهديد بالحجز الإداري على المشروعات التي تعترض على الخلل في منظومة الضرائب ورجالها، الذي ينظرون إلى المستثمر على أنه "متهم لحين إثبات إدانته".

 

وأشار الأعضاء إلى أن اعتماد الحكومة على تمويل 88% من الموازنة من الضرائب يدفعها إلى ملاحقة المستثمرين برسوم لا تضع في حسابها تصاعد تكاليف الإنتاج، التي زادت مؤخرا بنحو ثلاثة أضعافها، وتراجع كشوف الشركات لأكثر من 10 سنوات، وتحصيل 3.8% كرسوم من قيمة التوريدات للحكومة بأثر رجعي، وإجبارهم على دفع 5% من قيمة الرسائل الواردة في الجمارك للأمن العام، بينما الأزمة المالية تتصاعد، ولا ينظر المسؤولون إلى " ما نحن فيه من موقف جلل".

 

وطالب أعضاء جمعية رجال الأعمال بأن يتولى الاقتصاديون زمام إدارة الأزمة حاليا، ومنح القطاع الخاص الثقة لإنعاش الاقتصاد، وأن ينظر إلى رجاله على أنهم جنود الأمن الاقتصادي في الدولة أسوة بالجيش والشرطة.

وفي سياق متصل، اتهم الأعضاء هيئة التنمية الصناعية بمنح الأراضي للمستثمرين بطرق ملتوية، وتفضيل من لا يستحق، والتوزيع الجزافي أحيانا، بحيث لا يجد المستثمر الأرض في المكان المناسب له، وإذا وجد الأرض لا يجد النشاط المناسب، وتعطيل مصالح المستثمرين في إجراءات التراخيص وتوسعة النشاط وإضافة مكونات صناعية.

وإجمالا ، فإن تطوير الصناعة المصرية القائمة لتشارك في خفض الفوارق بين الصادرات والواردت والبالغ نحو 35 مليار دولار لصالح الواردت، فإن الاستقرار التشريعي وعدم تطبيق القوانين الجديدة بأثر رجعي، وتسهيل حصة المستثمرين على الأراضي ، سواء بحق الانتفاع واعتباره مسوغا لحصول المستثمرين على التمويل اللازم لهم، ومحاربة الفساد والبيروقراطية ومساعدة المستثمرين على خفض تكاليف الإنتاج، ومنح حوافر للصناعات التكنولوجية والخضراء، وتوجيه الدعم المالي للاستثمار الصناعي، بدلا من العقاري الذي استنفذ الغرض منه حاليا، وتوفير بيانات صحيحة عن مختلف الصناعات من الجهات الحكومية، إضافة إلى التوسع في المناطق الصناعية بالمحافظات لتكون قادرة على العمل وتسهيل الإجراءات الجمركية.