بسبب تزايد الديون.. خبراء يحذرون من صدمات التمويل الخارجي

- ‎فيتقارير

يواصل نظام الانقلاب الاقتراض من الخارج بشكل يهدد بإغراق مصر في مستنقع الديون وإعلان إفلاسها وضياع مستقبل الأجيال الجديدة. حيث كشف "البنك المركزي" كشف أن حجم الدين الخارجي لمصر سجل بنهاية يونيو الماضي 137.9 مليار دولار مقابل 134.8 مليار دولار بنهاية مارس 2021.

وأظهر تقرير "الوضع الخارجي لمصر"، الصادر عن البنك المركزي، أن حجم الدين طويلة الأجل يمثل نحو 90.1% من إجمالي الدين الخارجي بنهاية يونيو 2021 بواقع 124.2 مليار دولار، فيما بلغ الدين قصير الأجل 13.7 مليار دولار بنسبة 9.9%.

وأشار التقرير إلى تجديد ودائع إماراتية بإجمالي 4 مليارات دولار، موضحا أن التجديد شمل وديعة بمليار دولار لمدة 5 سنوات، ليستحق موعد سدادها في يوليو 2026 بدلا من يوليو 2021 ومد آجال وديعة أخرى بقيمة 2 مليار دولار لمدة عام ليكون موعد السداد في إبريل 2022 و2023 و2024 فضلا عن مد آجال وديعة ثالثة بمليار دولار، ليكون موعد استحقاقها على ثلاثة أقساط في مايو من عام 2024 و2025 و2026.

وأوضح أن هناك وديعة إماراتية أخرى سيتم سدادها بقيمة مليار دولار في يوليو 2023 ووديعة مماثلة تبقى منها نحو 676.5 مليون دولار، سيتم سدادها في نهاية أغسطس 2022.

 

صدمات التمويل

من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور هاني أبو الفتوح إن "الدين الخارجي لمصر ارتفع إلى 137.85 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، مقابل 123.5 مليار دولار في يونيو 2020 بنمو 11.16% خلال العام المالي الماضي".

وحذر أبو الفتوح، في تصريحات صحفية، من مخاطر التعرض لصدمات التمويل الخارجي في ضوء إمكانية حدوث ارتفاع حاد في تكاليف التمويل.

وطالب باتخاذ خطوات جادة لخفض الدين الخارجي، وتنويع هيكل الدين بما يحقق التوازن بين تلبية الاحتياجات التمويلية وخفض تكلفة الاقتراض وإطالة أجل الدين.

وشدد على ضرورة تنمية الموارد التي تُدر حصيلة نقد أجنبي مثل السياحة والصادرات ودفع معدلات النمو الاقتصادي.

 

اقتصاد منغلق

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله إن "مستويات الاقتراض تتزايد من جانب نظام الانقلاب بسبب العجز المزمن للموازنة، وعدم وجود موارد لسد هذا العجز، واعتمادها على الضرائب فقط، وتأثر قطاعات كثيرة بأزمة كورونا بما فيها السياحة".

وأكد ذكر الله في تصريحات صحفية أن نظام الانقلاب سيواجه زيادة متوقعة للديون، في ظل غياب أي رؤية اقتصادية لتخفيف حدة القروض من خلال إيجاد مصادر وموارد بديلة.

وأضاف، أما فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، فإن الاقتصاد المصري اقتصاد منغلق تتحكم فيه بعض رؤوس الأموال، والقرارات السياسية، والجهات الأمنية، ومن الصعب اختراق هذا الاقتصاد .

وأوضح ذكر الله أن الاستثمارات القليلة التي تأتي لقطاع البترول؛ ترجع إلى أن هذا القطاع بعيد عن نفوذ وقدرات الجهات السيادية، والتي لا تملك المنافسة فيه، مؤكدا أن حكومات الانقلاب لم تستطع أن تخلق مناخا استثماريا يشجع المستثمرين على القدوم والاستثمار وفق قواعد وسياسات شفافة وعادلة .

وأرجع شهية المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أدوات الدين في مصر؛ إلى أنها تعطي فائدة مرتفعة، إضافة إلى أن هناك تقارير من مؤسسات ائتمانية وصندوق النقد الدولي، تشير إلى بعض التحسينات في الاقتصاد الكلي، بعد تنفيذ برنامج الضبط المالي على حساب المواطن المصري، وهذا شجع على جذب الأموال الساخنة .

 

مستنقع الديون

وانتقد الكاتب الاقتصادي مصطفى عبدالسلام لجوء نظام الانقلاب إلى الاقتراض، مؤكدا أنه لا توجد مبررات اقتصادية ومالية تبرر اقتراض أكثر من 90 مليار دولار خلال فترة لا تتجاوز 8 سنوات، وهو رقم يزيد عن إجمالي قروض مصر في أكثر من نصف قرن.

وقال عبدالسلام في تصريحات صحفية: "إذا كان صانع قرار الاقتراض لا يدرك خطورة إغراق الدولة في مستنقع الدين الخارجي فهذه مشكلة كبيرة ، خاصة مع ما يترتب على هذه القروض من أعباء شديدة سواء لمالية وموازنة الدولة، أو المواطن الذي يتحمل وحده عبء التكلفة في النهاية في صورة زيادات في أسعار السلع والخدمات والضرائب والرسوم، وخفض في مخصصات التعليم والصحة والدعم، وربما تجميد زيادة الرواتب والأجور لسنوات".

وطالب بأخذ العبرة من بلدان غرقت في الديون وأعلنت إفلاسها، وأحدث مثال لبنان الذي دخل في نفق مظلم وأزمات مالية طاحنة تهدد وجود الدولة نفسها، ومشكلات معيشية غير مسبوقة، حيث قفزات تاريخية لأسعار السلع الغذائية، وزيادات شبه أسبوعية لأسعار رغيف الخبز والبنزين والسولار، وانقطاع لا يتوقف للكهرباء والمياه، واختفاء للأدوية والسلع الأساسية، وتفاقم البطالة والفقر وغيرها من الأزمات الاجتماعية.

وأرجع "عبدالسلام" ضبابية وتعقيد أزمة تفاقم الدين الخارجي إلى أمرين، الأول أن حصيلة تلك القروض توجه لتمويل مشروعات لا تدر عائدا دولاريا يمكّن الدولة من سداد أعباء الدين الخارجي، وبالتالي يتم تحميل هذه الأعباء على المواطن، واحتياطي البلاد من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، والثاني ، أن معظم المشروعات الفنكوشية مصيرها مرهون بالاقتراض من الخارج، مثل مشروع الضبعة النووي ومشروع القطار السريع، ومشروعات العاصمة الإدارية خاصة الحي الحكومي والفنادق والأبراج، ومشروعات تطوير السكك الحديدية وغيرها.

وطالب بوضع حد لهذا الاستسهال في الاقتراض الخارجي لمخاطره الشديدة على الأمن القومي، لافتا إلى أن أقساط وفوائد الديون في موازنة 2021-2022 تبلغ تريليونا و172 مليار جنيه، وهو مبلغ يقارب قيمة الإيرادات العامة للدولة، أي أن مصر كلها تعمل وتنتج طوال العام لسداد بند واحد فقط هو أعباء الدين العام، وهو ما يعني أن البنود الأخرى من رواتب وأجور ودعم واستثمارات عامة يتم تمويلها بقروض جديدة، وهنا ندخل في دوامة كبيرة.