تسهيل بيع مصر للإمارات مقابل زيادة ضرائب ورسوم المصريين.. خيانة ونخاسة السيسي!

- ‎فيتقارير

في خيانة متناهية النظير يواصل السيسي إهدار مقدرات مصر الحيوية والتي يمتلكها الشعب المصري، في ظل مؤسسات خانعة وأجهزة سيادية تخون مهامها الوظيفية، بتمرير أكبر صفقة خيانة بتاريخ مصر بما يهدد الأمن القومي المصري، في مقتل.

وعلى عكس ما يجري في مصر من زيادة في الضرائب والرسوم ورفع للأسعار والتشدق بحق الدولة في أراضيها في مواجهة بيوت الله التي تهد وإزالة ملايين العقارات والمباني التي كلفت المصريين أعمارهم، بدعوى حق الدولة في تحصيل المخالفات والرسوم والترخيص، يتساهل السيسي الحائن ونظامه في الاستجابة لكل مطالب الإمارات وعرابي الرز الخليجي، في تمرير تعديلات كارثية على قانون الصندوق السيادي، من أجل بيع مقدرات مصر الاستراتيجية للإماراتيين.

وبحسب خبراء اقتصاديين، تتسارع خطوات النظام العسكري للتعجيل بالتخلي عن أصول الدولة بدعوى استثمارها وتعظيم عوائدها، بعد التعديلات الأخيرة التي طاولت قانون "صندوق مصر السيادي"، التي أصدرها السيسي وفقاً للقانون 197 لسنة 2020، في نهاية شهر سبتمبر الماضي. وعززت التعديلات قراره الصادر في 3 سبتمبر الماضي، بنقل مجموعة من الأراضي والعقارات الشاسعة من ملكية الدولة إلى الملكية الخاصة بـ"صندوق مصر السيادي"، لتمكينه من استغلالها والتربح منها والشراكة مع المستثمرين والصناديق الاستثمارية الأخرى فيها. وتضمنت العقارات المنقولة ملكيتها: أرض ومبنى مجمع التحرير بميدان التحرير بوسط القاهرة، وأرض الحزب الوطني الحاكم سابقاً على كورنيش النيل بجانب المتحف المصري القديم في ميدان التحرير، وأرض ومباني الديوان العام القديم لوزارة الداخلية بالقرب من ميدان التحرير، وأرض ومباني المدينتين الاستكشافية والكونية بمدينة السادس من أكتوبر، وأرض ومباني ملحق معهد ناصر الطبي بشبرا مصر على النيل، وأرض حديقة الأندلس بطنطا.

عهر برلماني ودعارة سياسية

وعلى طريقة الخاين السيسي، سار برلمان الانقلاب في اقرار قوانين لا يمكن وصفها الا بالخيانة والنخاسة وعرض شرف مصر، للبيع لمن يدفع.. ومن ابرز خزايا السيسي ونظامه، التعديلات على قانون الصندوق السيادي، حيث يحق لـ"صندوق مصر السيادي" التصرف في مجموعة واسعة من الكيانات الاقتصادية، وبدأت الحكومة الانقلابية  إعداد التعديلات التي أصدرها السيسي  أخيراً بعد شهر واحد من إطلاقه مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ما وُصف بـ"منصّة استثمارية استراتيجية مشتركة" في نوفمبر 2019، بقيمة 20 مليار دولار، مناصفة عبر شركة "أبوظبي التنموية القابضة" و"صندوق مصر السيادي".

وبعد التعديلات يحق لـ"صندوق مصر السيادي" التصرف في مجموعة واسعة من الكيانات الاقتصادية التي تساهم فيها الدولة المصرية، من خلال جهاتها التنفيذية أو شركاتها القابضة والتابعة ومؤسساتها، وحتى الجيش والمخابرات والأجهزة السيادية والأمنية الأخرى، التي دخلت سوق الاستثمار بكثافة في عهد السيسي. مع العلم أنه منذ عامين كان يقتصر قانون الصندوق في تعامله على إعطاء الحق لرئيس الجمهورية، بناء على عرض رئيس الوزراء والوزير المختص، نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة أو المستغلة، شرط الاتفاق مع وزير المالية والوزير المختص، المملوكة للدولة ملكية خاصة أو للجهات التابعة لها، إلى الصندوق، مما يفتح الباب بشكل تلقائي لخصخصة آلاف الكيانات الحكومية.

وتم تعديل المادة الثالثة من القانون بحجة التوسع في أهداف صندوق مصر للمساهمة في "التنمية الاقتصادية المستدامة". وباتت المادة كالتالي: "إدارة أمواله وأصوله أو الجهات والكيانات المملوكة للدولة أو الجهات التابعة لها أو الشركات المملوكة للدولة أو تساهم فيها، متى عهدت تلك الجهات إلى الصندوق بإدارة تلك الأموال والأصول لتحقيق الاستغلال الأمثل لها، وفقاً لأفضل المعايير والقواعد الدولية، والضوابط المنصوص عليها في النظام الأساسي للصندوق، على أن يكون للصندوق في سبيل ذلك التعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والأجنبية النظيرة والمؤسسات المالية المختلفة".

ويسمح النص الجديد للنظام بسرعة التصرف تحت غطاء قانوني في الأصول المملوكة للدولة، سواء بنقلها لحيّز ملكية الصندوق السيادي ومن ثم التصرف فيها لحسابه، أو بالتصرف فيها مباشرة للمستثمرين الأشخاص أو الشركات. وسيتكامل لاحقاً هذا النص مع التعديلات الجديدة المقرر إدخالها على قانوني قطاع الأعمال العام والتعاقدات الحكومية لإتمام هذه المنظومة، والتي تفرّغ إجراءات تقييم وبيع أملاك الدولة من الشفافية والقواعد المعيارية التي سبق وضعها، لضمان سرعة التصرف في أملاك الدولة، والتخفيف من القيود أيا كانت درجتها. وتجيز أيضاً للجهات الإدارية، بموافقة الوزير أو المحافظ المختص، تقييم الأصول العقارية المملوكة لها بمعرفة ثلاثة مقيمين عقاريين من المقيدين بالهيئة العامة للرقابة المالية، أو المعتمدين لدى البنك المركزي. ويُعدّ متوسط هذه التقييمات الثلاثة هو القيمة المرجحة لهذه الأصول، مع تعطيل المادة 15 من قانون التعاقدات الحكومية، التي كانت تلزم الوزير أو المحافظ عند رغبته في تقييم العملية أو العقار محل التعاقد، سواء بالبيع أو الإيجار أو منح حق الانتفاع، وذلك عبر تشكيل لجنة من الخبراء، تعمل على تحديد القيمة التقديرية أو الثمن الأساسي للعملية، من خلال دراسة السوق والتعاقدات السابقة لنفس الجهة وغيرها من الجهات، وذلك كله قبل البدء في اتخاذ إجراءات الطرح.

وإلى جانب توسيع وتمدد الصندوق السيادي ليشمل الشركات التي تساهم الدولة فيها، تضمنت التعديلات استجابة مباشرة لطلب إماراتي، أن كشفته في تقرير لها مطلع العام الحالي بعد إعداد المسودة الأولى للتعديلات، بعدم الاعتماد على هيئة الخدمات الحكومية المصرية التابعة لوزارة المالية بإجراء عملية تقييم الأصول "نظراً للمبالغة أحياناً في تقديرها"، من ثم تمّت إضافة نص إلى المادة الثامنة من القانون، يجيز لمجلس إدارة الصندوق إسناد عملية "تقييم الأصول في دفاتر الصندوق إلى أحد بيوت الخبرة العالمية، في الأحوال التي تقتضي ذلك"، مما يرجح أن يكون هذا الإجراء بناء على طلب الطرف الثاني المتعاقد في الصندوق أو المستثمر فيه.

تسهيلات غير مسبوقة للأجانب

وفي مواجهة تشدد السيسي وتهديده بإنزال الجيش لإبادة المخالفات، منحت التعديلات تسهيلات غير مسبوقة للإمارات، بعد طلبها، بوضوح إعفاء ضريبي كامل لعمليات الاستحواذ والشراء والبيع من خلال الصندوق، لكن الحكومة وبعد مفاوضات مطولة اكتفت بإقرار تسهيل استثنائي عن القوانين الضريبية، أضيف بفقرة جديدة إلى المادة 19 من القانون. وتنصّ الفقرة على رد الضريبة على القيمة المضافة التي تسدد من الصناديق الفرعية، أو الشركات التي يساهم فيها الصندوق بنسبة تزيد على 50 % من رأسمالها، في حدود نسبة مشاركة الصندوق فيها. مع العلم أنه عند صدور القانون كان يعفي من الضريبة العمليات بين الصندوق والصناديق الفرعية فقط، ولم يكن يعفي الصناديق الفرعية والشركات التي يساهم فيها الصندوق من جميع الضرائب والرسوم، باستثناء توزيع الأرباح، فضلاً عن استحداث الإعفاء من رسوم الشهر العقاري لعمليات نقل الكيانات للصندوق.

وهناك تعديل آخر تضمنه القانون الجديد كان قد أثار جدلاً وقت اقتراحه نهاية العام الماضي، لكن مجلس النواب مرره من دون أي معارضة. ويتعلق التعديل بتحصين جميع التعاملات على أملاك الصندوق، واقتصار الطعن في قرارات رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول إلى الصندوق، أو الإجراءات التي اتُخذت بناء على ذلك من الجهة المالكة، ومنع رفع دعاوى بطلان العقود إلا من أطراف التعاقد دون غيرهم. وأيضاً تم استحداث المادة السادسة مكرراً والسادسة مكرراً "أ" اللتين تتفقان في مجموعهما مع فكرة تحصين العقود الإدارية، كما نص عليها القانون 32 لسنة 2014، الذي كانت فكرة إماراتية بحتة، مع إعلان المستثمرين الإماراتيين عنها قبل مناقشتها في مجلس الوزراء وإصدارها بواسطة المؤقت آنذاك عدلي منصور.

وكانت حجة المستثمرين الإماراتيين وقتها خشيتهم من استمرار إصدار أحكام بطلان العقود من القضاء الإداري، لكن هذه المرة، تكرر دولة السيسي هذا التنظيم الذي يحمي الفساد، من منطلق "تشجيع الاستثمار الأجنبي"، وباتت فكرة تحصين العقود من أولويات أي مستثمر أجنبي في مصر، بسبب التنازل السابق عن حق القضاء في الرقابة عليها.. وهكذا يبيع السيسي مصر لمن يدفع، دون رقابة من برلمان جرى ويجري صياغته في أروقة المخابرات والامن الوطني.. ويبقى المواطن هو الخاسر الأكبر.