صور.. الفرق بين حياة المولات ودولة “فقرا أوي”

- ‎فيأخبار

كتبت- رانيا قناوي:

 تناول تحقيق صحف حالة التناقض التي يعيشها نظام الانقلاب بافتتاح بعض المشروعات الت لا تمس الفقير أو المواطن المصري، بقدر ما تمس المرفهين منهم، وتكشف عن حجم الكوميديا السوداء التي وضعت فيها سلطات الانقلاب البلاد.

 (مول مصر) الفاخر الذي تم افتتاحه أول أمس الخميس وتراصت سيارات وامتدت طوابير المترجلين عند مداخل المركز الذي تكلف أكثر من 700 مليون دولار، بينما وقفت كاملة في شقتها الصغيرة بمساكن عثمان القريبة على طريق الواحات تعد وجبة تكفي أسرتها للغذاء والعشاء بتكلفة 7.5 جنيهات، بحسب محررة "أصوات مصرية" الزميلة مروة صابر.

 

مركز التسوق نفذته شركة (ماجد الفطيم) الإماراتية بإجمالي استثمارات تخطت 11 مليار جنيه مصري (بسعر الدولار اليوم الجمعة)، ويضم مساحات تعادل 400 ألف متر مربع، ليكون النسخة المصرية من (مول الإمارات) حيث توجد متاجر ومطاعم فاخرة وأول منحدر مغلق للتزحلق على الجليد في مصر. ويأتي إضافة لمولات أخرى قريبة مثل مول العرب ومول الدولفين وغيرها.

 

تصف الزميلة مروة صابر في تحقيقها المنشور اليوم السبت، أجواء المنحدر المحاط بجدران زجاجية تتناقض بعد السماء والأرض عن أجواء مساكن عثمان القريبة حيث تعيش كاملة جمعة الصعيدية الأصل، مع زوجها وابنها وثلاثة أحفاد في شقة في الدور الأرضي بإحدى بنايات المنطقة على بعد أقل من 20 دقيقة من (مول مصر).

 

في الوقت الذي تقلصت الطبقة المتوسطة في مصر بأكثر من 48%، لينخفض عددها من 5.7 مليون شخص بالغ في عام 2000، إلى 2.9 مليون بالغ في 2015، يمثلون الآن 5% فقط من إجمالي البالغين، ويمتلكون ربع ثروة المصريين، بحسب بنك كريدي سويس.

 

وتابعت: "في المنطقة التي أخذت اسمها من الشركة التي أسستها (عثمان أحمد عثمان)، تستقبل الزوار رائحة مياه الصرف الصحي التي تعلو الأرض بسنتيمترات. وأحيانا يلهو الأطفال وسط المجاري وربما ترى مشاهد تزحلق وسط الطين وليس على الجليد، وبعيدا عن مياه النافورة الراقصة الملونة في مول العرب.. وفي مساحة 42 مترا تعيش كاملة وأسرتها التي نقلتها الحكومة ومئات آخرين إلى المساكن الواقعة على مشارف مدينة 6 أكتوبر بعد أن تهدمت منازلهم في منطقة الدويقة بحي منشأة ناصر.

 

تنقال محررة التحقيق عن الأسرة: "فطارنا  فول، ونجي عند الضهر نعمل حبة عدس، أو نجيب كيسين فول تاني نعملهم بأوطه (طماطم)، أو نعمل شوية ملوخية ناشفة"، أسرة كاملة غير معنية بمعروضات المول التي تضم أرقى الماركات العالمية في عالم الموضة ومجموعة متنوعة من المطاعم الفاخرة.

 

تقول ابنة المنيا بلهجتها العامية "بجيب ربع كيلو العدس بسبعة ونص، وازوده حبة ميه ونتغدا منه ونتعشى منه"، ولا تشعر كاملة أن شيئا ينقصها، ولم تفارق كلمة "الحمدلله" فم الأم والجدة التي يعيلها نجلها البالغ من العمر 36 عاما، وهو أرزقي يتكسب رزقه كمتعهد دفن (تُرَبي) في المقابر خلف مساكن عثمان، وهو عملٌ غير المنتظم لا يكفي لدفع الإيجار.

 

وأضافت: "تلتزم كاملة للدولة بدفع 65 جنيه إيجارا شهريا للشقة، لكنها لم تسدد الإيجار منذ خمس سنوات. ومنذ أربعين سنة حين تزوجت عم عيد المصاب بضعف السمع تحتفظ كاملة بكنبتين وسرير تقول عنهم ضاحكة "عايشين معانا من ساعة ما اتجوزنا، نغير القماشة ونحط غيرها"، وعلى الكنبة تحت الشباك المطل على الشارع جلست جنى الصغيرة حفيدة كاملة تشاهد أطفال الجيران يلعبون بأكياس بلاستيكية ربطوها بأشرطة في محاولة لصنع طائرة.

 

وتصف الزميلة مروة صابر سعادتهم بأكياس البلاستيك والأشرطة التي يلتقطونها من أكوام المهملات في الشوارع لا تقل عن سعادة أطفال مركز التسوق الذين يمكنهم الاستمتاع بأجواء القطب الشمالي عبر (سكي إيجيبت) الذي تقول عنه شركة ماجد الفطيم إنه "أحد أكبر المنتجعات الثلجية المغلقة في العالم". 

 

وبقيمة 300 جنيه يبدأ سعر تذكرة دخول المنتجع الثلجي في مول مصر، وحال اصطحب عامل النظافة محمد حلاوة الذي يعيش في مساكن عثمان أطفاله الثلاثة يوما إلى (سكي إيجيبت) لن يبقى في راتبه الشهري سوى 200 جنيه (12 دولار).

 

يعمل حلاوة في أحد التجمعات السكنية الراقية في مدينته الحالية (6 أكتوبر)، ويعيش في نفس البناية التي تسكن عائلة كاملة في طابقها الأول. وترك حلاوة حرفته كخراط معادن إذ لا إقبال عليها في محيطه الجديد، ورغم معاناته اليومية في العثور على مواصلات عامة، يعتبره جيرانه محظوظا، ويعمل معظم سكان منطقة عثمان في التنظيف، بعد أن تركوا حرفهم في منشأة ناصر، لكن فرص الواحد منهم في إيجاد عمل ضعيفة أمام منافسة شركات النظافة.

 

ويقول تقرير تابع لمنظمة الأمم المتحدة إن 41.5% من الشباب المصري يعيش في الحضر، جزء كبير منهم في عشوائيات، وهؤلاء يتعرضون لإقصاء اجتماعي، وعنف وفقر متفشٍ، وهو ما يؤجج التوتر والاستقطاب الاجتماعيين.