على الرغم من تدهور الاقتصاد الوطني وانهيار العملة المحلية لمستويات غير مسبوقة، ما تسبب في كوارث اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في مصر خلال عام 2016، ما جعل خبراء ومراقبين يعتبرونه الأصعب في تاريخ مصر، إلا أن الأيام ما زالت حبلى بالكوارث التي تجعل القادم أسوأ في ظل استمرار سيطرة الانقلاب العسكري على مقاليد الحكم بقوة الدبابة في مصر.
وما يمثله ذلك من استمرار تعقد الأزمات التي يدفع ثمنها المواطن البسيط الذي يتجرع الكوارث بلا أي معونة حقيقية من أحد، حتى الجمعيات الخيرية التي تساعده في ضوائقه تم إغلاقها، بقانون الجمعيات الذي أقر أمس.
الخطر الأكبر
ولعل الأخطر، ما كشفه أحد المسئولين الكبار في وزارة المالية اليوم، في تصريحات صحفية، بأن مصر مُطالبة بسداد ديون خارجية بقيمة 8 مليارات دولار خلال العام المقبل 2017، فيما تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع إجمالي الديون المستحقة على البلاد إلى مستويات غير مسبوقة خلال العامين الأخيرين.
وتتضمن الالتزامات الخارجية سداد الوديعة التركية البالغة مليار دولار، والتي يحل أجلها في أكتوبر المقبل، ومليار دولار من الوديعة الليبية البالغ إجماليها ملياري دولار، بجانب قسطي نادي باريس بقيمة إجمالية 1.4 مليار دولار، موزعة بواقع 618 مليون دولار في يناير و720 مليون دولار في يوليو.
وأشار المسئول إلى أن الديون الأخرى عبارة عن سندات دولية مستحقة السداد وفوائد ديون هيئات حكومية تتولى وزارة المالية سدادها بقيمة إجمالية تتخطى 5 مليارات دولار.
سداد الديون بديون
وأشار إلى أن عام 2017 سيكون الأعلى في الالتزامات تجاه الدائنين، وسيتم تأمين ذلك من خلال السندات الدولارية (القروض) المزمع إصدارها خلال شهر يناير المقبل، فضلا عن الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي خلال شهري مارس وإبريل من العام نفسه.
وتسعى مصر لاقتراض ما يتراوح بين 5 و6 مليارات دولار دوليًا عبر سندات تطرحها في الأسواق الدولية، وفق وزير المالية، عمرو الجارحي.
كما أبرمت القاهرة في وقت سابق من 2016، اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار يصرف على 3 سنوات، مقابل تنفيذ برنامج اقتصادي يتضمن رفع الدعم وتعويم الجنيه.
وتسلم البنك المركزي المصري، في 11 نوفمبر الجاري، الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد بقيمة 2.75 مليار دولار، بعد نحو أسبوع من تعويم العملة المصرية، الذي أدى إلى انخفاضها بنحو 100% أمام الدولار الأمريكي.
وترافق قرار التعويم مع رفع المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة تبلغ 3% دفعة واحدة، ليؤكد مسئولون حكوميون أن هذه الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع قيمة الفائدة على الديون الحكومية فقط بنحو 100 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري 2016/2017، لتصل إلى 400 مليار جنيه.
وقال المسؤول في وزارة المالية إن مخصصات الفوائد سترتفع بصورة كبيرة العام المالي المقبل الذي يبدأ يوليو 2017، بسبب تحميل الموازنة بأعباء فوائد التمويلات، التي حصلت عليها مصر مؤخرا لدعم الاحتياطي النقدي وسد جزء من عجز الموازنة المتفاقم للعام المالي الجاري.
3.32 تريليون جنيه ديون
يشار إلى أن وزارة التعاون الدولي أكدت في تقرير سابق لها أرسلته إلى اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب مطلع نوفمبر، أن إجمالي الدين العام للدولة بلغ 3 تريليونات و33 مليار جنيه، لتزيد الديون بما يقارب الضعف في أول عامين من حكم قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي.
ترحيل المصائب إلى 2018
ويبدو أن عام 2018 سيحمل أعباء أخرى على مصر تجاه الدائنين الدوليين.. وتستحق ودائع خليجية بقيمة 5 مليارات دولار، تلقتها القاهرة كجزء من الدعم الخليجي بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 2013.
ومع تلم الكوارث لا تلوح في الافق اية بوادر ايجابية، حيث ما زالت دول اوربية تحظر طيرانها الى مصر وفي مقدمتها روسيا وبريطانيا، كما تزداد القيود الاوروبية والاسيوية على الصادرات المصرية وسط تقارير عن تدني مستويات الجودة الصناعية والتجارية والزراعية، فيما لا يزال القطاع الاكبر من المصريين بالخارج غير مقتنعين بالتحويل المالي لمصر في ظل الفساد وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بالبلاد.
وبذلك ينتظر المصريون اياما اشد قتامة، فيما يرتع الجيش بكل المشروعات الاقتصادية والرفاهة المالية، وكذا القضاة ووالشرطة.. فيما المواطن العادي يطبق عليه القوانين الصارمة والضرائب والرسوم المتزايدة، بل يطالب بالتخلي عن بطاقة التموين، فيما يخطب فيه شيوخ الأوقاف بضرورة التبرع لدعم مصر، وبسبه الإعلام ليل نهار ويتهمونه بانه كسول ولا يحب العمل.. فيما يكده قطاع كبير من المواطنين في عمل واثنين وثلاثة حتى يسد رمق أسرته!!