كتب رانيا قناوي:
بدأت شرطة الانقلاب في الدخول على الخط مع عسكر عبدالفتاح السيسي في تخصيص عشرات المنافذ لبيع السلع الغذائية بأسعار تزعم أنها مخفضة، لتحسين صورتها أمام الشعب المصري، الذي تسيل دماؤه من التعذيب في سجون الانقلاب، الأمر الذي يكشف استشعار أجهزة الأمن والمخابرات لتزايد الغضب الشعبي من ارتفاع الأسعار، لتدخل هذه الأجهزة على خط التنافس في تحسين صورتها، وإظهار نفسها كداعم للفقراء، في الوقت الذي تنهب مقدراته وثرواته.
وافتتح عدد من مديري الأمن بالمحافظات، خلال الأسبوع الجاري، عشرات المنافذ التابعة لوزارة الداخلية، والمخصصة لبيع المنتجات الغذائية بأسعار مخفضة، وقالت الداخلية إن هذه المنافذ تندرج ضمن المرحلة الأولى من مشروع منافذ "أمان"، الذي أعلن عنه وزير داخلية الانقلاب، مجدي عبدالغفار، العام الماضي، بهدف "توفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين بأسعار تقل عن مثيلاتها بالأسواق، في إطار الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لمحاربة الغلاء والاحتكار وضبط الأسعار".
المنافسة على إفقار الغلابة
ولعل تنافس الأجهزة الأمنية على بيع السلع الغذائية للمواطنين يكشف حالة الصراع الموجود بين هذه الأجهزة، وتخوف كل جهة من تحمل فاتورة الدماء والخراب التي تعيشها البلاد في ظل فشل الانقلاب في إدارة ملفات الدولة وانهيار المواطن المصري، خاصة بعد أن أدت الحوادث الإرهابية الأخيرة وانتشار الجرائم الجنائية، إلى توجيه انتقادات شديدة للداخلية، واتهامات بالتقصير والفشل في القيام بمهمتها الأساسية في حماية أمن المواطنين؛ بسبب الانشغال في أعمال ثانوية.
وعلى الرغم من إعلان داخلية الانقلاب أن وزيرها مجدي عبدالغفار وجّه بضرورة التوسع فى افتتاح المنافذ الغذائية بالمحافظات، وبيع المنتجات بأسعار مخفضة "تخفيفا للعبء والمعاناة عن المواطنين" حسب قولها، إلا أن تساؤلات تثيرها داخلية الانقلاب بإعلانها بيع السلع الغذائية وعلى رأسها الموارد التي تحصل من خلالها الداخلية كجهاز أمني على هذه السلع وبيعها بأسعار مخفضة!!
وما دور الداخلية في هذا التوقيت من انتشار عمليات التفجير؟ هل هو بيع السلع أم الاهتمام بالنواحي الأمنية وتأمين المواطن؟ وهل تم تكليف الداخلية رسميا من قائد الانقلاب بهذا الدور أم أنه سلوك فردي بما يكشف أننا لسنا في دولة مؤسسات، وما هو دور وزارة التموين؟ وهل يتم رقابة هذه السلع ماليا وإداريا من قبل أجهزة الدولة؟
"أمان" تنافس "وطنية"
ولعل ما كشفه اللواء مدحت عبدالله، رئيس مجلس إدارة منافذ "أمان" التابعة للداخلية، إن "الوزارة أصبحت تمتلك مصانع تعبئة ومخازن خاصة بها لإنتاج السلع الغذائية، ومن المقرر أن تقوم بإنشاء متاجر ضخمة لبيع السلع بأسعار مخفضة للمواطنين"، مشددا على أن "من أحد أدوار الداخلية؛ المساهمة في توفير كافة السلع للمصريين بأسعار بسيطة، وحماية قوت الشعب، والعمل على راحة المواطنين"، الأمر الذي يكشف تحول وزارة الداخلية لهيئة استثمارية على غرار جيش عبد الفتاح السيسي الذي ينتشر من خلال شركات "وطنية".
اقتصاد العسكر.. تدمير وفساد وميزانية سرية |