كتب- جميل نظمي:
المتابع لحادث تفجير الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، من خلال وسائل الإعلام يكتشف أن هناك أمرًا ما تسعى أطراف معينة من التوجيه بعيدًا عنها لخدمة أهداف ما ليست بخافية.
وبعيدًا عن نظرية المؤامرة..
الحادث وقع داخل الكاتدرائية عند غرفة صلاة النساء بالمرقسية، عبر وضع كيس به قنبلة بها نحو 8 كيلو جرامات مواد متفجرة، تم تفجيرها..
الكنيسة محاطة بتأمين مكثف من قوات الأمن على أعلى مستوى من الخارج والداخل، ثم تأمين من قوات أمن خاصة من الكنيسة لا يمكن الوصول إلى داخلها من قبل أي طرف خارج الكنيسة..
حديث المصادر الأمنية عن إدخال القنبلة مع سيدة، يؤكد أن العملية محمية من طرف سيادي، قريب من الكنيسة أو سلطات الدولة؛ حيث لا يمكن لمسلمين الوصول إلى مكان القداس المبكر الذي يبدأ في التاسعة من صباح اليوم، بجانب التأمين الكبير للكنيسة يوم الصلاة، يوم الأحد.
الأذرع الإعلامية تبوح بهدف التفجير
ومن خلال متابعة معظم القنوات التي استدعت عددًا من خبراء الأمن ومسئوليه للتعليق على الحادث، جاء التركيز متبادلاً بين عدة أهداف خفية، يريد منفذو التفجير الوصول إليها، وهي:
1- إدانة من في السجون ومطالب بتنفيذ أحكام الإعدام واتخاذ قرارات تصعيدية ضد الإخوان المسلمين..
2- وقف الحديث عن أي تصالح مع الإخوان لأنهم هم من يفرخون الإرهاب في الدولة..
3- التلويح باليمن وسوريا والعراق، إذا لم يتحررك النظام لاستئصال العنف والإرهاب، وهو ما يدعم سياسات القتل خارج إطار القانون والتي أسفرت عن قتل 4 شباب كانوا بقبضة الأمن نهاية الأسبوع الماضي.
4- الكنيسة شريكة للمسلمين في الوقوف ضد الإرهاب، وهو ما يمكن تفسيره بمحاولة توريط الكنيسة أكثر في الصراع السياسي الذي يخوضه السيسي.
..
وبعيدًا عن أحاديث القيادات الأمنية بالإعلام، يسعى السيسي من وراء الحادث للتهديد بسيناريو الحرب الأهلية الذي أفشله الإخوان المسلمون بسلميتهم، ولعل تفجيرات الكنائس ودور العيادة هو اسهل الطرق لاثارة النعرات الطائفية في المجتمع، وصولاً لأهداف الانقلاب العسكري بتدجين المجتمع المصري، تحاه رافضي الانقلاب الذي يسارع الجميع لاتهامهم رغم تاكيدهم على احترام الدم والسلمية في مسارهم.
ويفسر أيضًا النفور الغربي من نظام السيسي، وعدم تجاوب الإدارة الأمريكية الجديدة لتظام السيسي وتقديم طلب في الكونجرس الأمريكي لوقف المساعدات العسكرية في مصر، سببًا معتبرًا لمقامرة السيسي بتفجير الكنائس؛ كونها أقرب الطرق لقلوب الغرب والأمريكان لدعم السيسي.
كما يمكن أن تكون الانفجارات الأحيرة في شارع الهرم والكنيسة بالعباسية غطاءً مقبولاً للأزمات الاقتصادية المتفاقمة في مصر، وسط تقارير استخباراتية بان الغضب الشعبي تصاعد بصورة كبيرة؛ ما يهدد بثورة جياع وتدني شعبية السيسي لأدنى مستوياتها… فيأتي حدث التفجيرات لتصرف المصريين عن واقعهم المرير ومبرر لسياسات اقتصادية أسوأ على الصعيد الشعبي.
ويبقى شعار السيسي الأمن والاستقرار أهم من الطعام والوظائف وهو ما لم يتحقق بالأساس.
فيما يرى بعض المحللين أن الحادثة التي وقعتت اليوم وقبلها تفجير الهرم، أحد أوجه الصراع داخل نظام السيسي؛ حيث إن هناك أحاديث لم ترق لنقاشات أو قرارات، في الغرف المغلقة، داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، مبعثها خطورة الوضع القائم على الدولة المصرية كدولة ووطن إثر سياسات السيسي، ونظامه، وهو ما يتجلى في خروج طنطاوي وحديثه عن أنه لا إعدامات للإخوان، وأيضًا بعض الأحكام بتخفيف العقوبات عن الإخوان، كباب للتهدئة لم ينضج بعد، فأرادت أطراف قريبة من السيسي إفشاله قبل أن يؤتي نتائجه..
ويبقى سيناريو آخر، لا يجوز أن يفوت من التحليل السياسي، وهو أن تكون هناك أطراف تلعب في خلفية النظام الأمني، الذي يركز اعماله في مواجهة السياسيين والمعارضين، تاركًا الأمن الجنائي والمجتمعي، للعب فيه، وهو ما يقترن به ضعف الأداء الأمني الذي ظهر واضحًا في الكنيسة وشارع الهرم.
ولعل اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير السادسة هدف يراد تمريره بسلام من قبل النظام، الذي بات موتورًا من أي ذكرى ثورية، بسبب إخفاقاته المتواصلة اقتصاديًا وسياسيًا.
ولا يمكن استبعاد كل السيناريوهات، حتى تنكشف بثورة شاملة تفضح نظام السيسي، كما فعلت مع نظام مبارك، الذي دبر تفجير كنيسة القديسين في 2010، لإخضاع البابا شنودة، لسياسات مبارك، وتوريط حركة حماس في الشان المصري ردًّا على اقترابها من اطراف خليجية، وتبرير سياسات قمع واسعة ضد الاسلاميين، لتسهيل سيناريو التوريث الذي كان قد بلغ مستويات عالية من التطبيق.