كتب كريم محمد:
ما أن يشتد الهجوم على قائد الانقلاب، ويتصاعد الغضب الشعبي على سياسته الفاشلة، حتى نفاجأ بخبر منشور في الصحف يشير لفوز السيسي بجائزة دولية أو استطلاع رأي عالمي، ولكن البحث وراء هذه الأخبار كشف لنا عن فضائح حول لعبة لتلميع السيسي عبر منظمة وهمية صاحبها مزور ونصاب.
"فوز السيسي بلقب زعيم العرب" في استطلاع رأي أجرته منظمة الشعوب والبرلمانات العربية شمل نصف مليون عربي"، هذا هو الخبر الوهمي الذي نشرته وسائل إعلام مصرية وروجت له الفضائيات الأسبوع الجاري، ولم تكتف بهذا بل قالت إنه "فاز بعدد من الألقاب في الاستطلاع"!.
الخبر الذي نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية وروجت له وسائل إعلام مصرية وعربية، زعم أن السيسي فاز بلقب "زعيم العرب" في استطلاع رأي أجرته (منظمة الشعوب والبرلمانات العربية) على مستوى مكاتبها في الدول العربية، واحتفل إعلام النظام ولجانه الإلكترونية وطبل للخبر.
سلطان السلاطين وأم العرب!!
وحسب الخبر نفسه أسفر الاستطلاع الذي أجرته (منظمة الشعوب والبرلمانات العربية) أيضا عن فوز محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي بلقب "حكيم الأمة"، والسلطان قابوس بن سعيد بلقب "سلطان السلاطين" والشيخة فاطمة بنت مبارك بلقب "أم العرب"!.
وزعم رئيسها أن منظمته تجري استطلاعا كل عام في مكاتبها المنتشرة في 21 دولة عربية عدا الصومال، وإن استطلاع هذا العام لاختيار السيسي "زعيما للعرب" شمل "ما بين 300 و500 ألف عربي" يمثلون عينات مختلفة من المجتمع حسب قوله، دون أن يقدم دليلا واحدا حول كيفية إجراء هذا الاستطلاع.
اسم هذه المنظمة المجهولة ظهر أيضا في مناسبات مختلفة للدفاع عن السيسي ومساندته كما حدث عقب سخرية أمين عام منظمة التعاون الإسلامي السابق، إياد مدني، من السيسي عقب تصريحه "الثلاجة اللي مفيهاش الا المياه".
حيث أصدرت هذه المنظمة بيانا هاجمت فيه تصريحات أمين عام المؤتمر الإسلامي واعتبرتها "تدخلا سافرا وجسيما في الشئون الداخلية المصرية وقيادتها السياسية".
كما ظهر رئيسها الوهمي وهو يكرم وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم الذي نفذ مذابح رابعة والنهضة، ويقلده وشاح المنظمة الوهمية، على الرغم من أن مديرية أمن المنوفية سبق أن اصدرت بيانا يؤكد أنه نصاب ومحتال!
كما دأبت هذه المنظمة الوهمية على الإشادة بسياسات السيسي وإرسال برقيات التأييد والدعم والمبايعة له والإشادة بـ"نجاح السياسة الخارجية والداخلية للرئيس"، حسب بياناتها.
كما أشادت هذه المنظمة بكلمة السيسي في الجلسة الختامية بالمؤتمر الأول الوطني للشباب الذي نظم في مدينة شرم الشيخ، ووصفت الدولة المصرية في عهده بأنها "لا تكبل أي رأي وأنها حريصة على سماع صوت الشباب والتعبير عما بداخلهم"!
منظمة يديرها "مُزور"
البحث عن تاريخ هذه المنظمة بين أنها نشأت عام 2011، ويديرها شخص يدعي "عبدالعزيز عبدالله"، يزعم أن منظمته هي أول منظمة عربية دولية مستقلة باسم الشعوب"، ويدعي أن لها فروع في كل الدول العربية. ويقع مقرها في المبنى الخاص بهيئة الاستعلامات الحكومي، بشارع طلعت حرب بوسط القاهرة، وهو مؤشر واضح على توجهها، ولا يوجد به غالبا سوى رئيسها وأحد مساعديه والساعي.
رئيسها يطلق على نفسه اسم "وزير مفوض من الجامعة العربية ورئيس منظمة الشعوب والبرلمانات العربية"، ويدعي أنه حاصل على درجة الدكتوراه في الإعلام من الجامعة الأمريكية، كما يصف نفسه بأنه "رئيس الجمعية المصرية لرجال الإعلام والبيئة والسكان والتنمية"، وصاحب "المؤسسة العربية للخدمات التعليمية".
وفي يونيو 2015، نشرت مجلة "روز اليوسف" الحكومية قصته مؤكدة أنه متهم بالاحتيال في قضايا، وسبق أن تم القبض عليه، لأنه يعمل في العقارات، ولديه مدارس خاصة، مؤكدة أن: "الرجل المسمى في المنوفية بـ"رئيس جمهورية الفنكوش"، حسب تسميتها له، أسس منظمة وهمية، ومنح كبار الشخصيات مناصب هلامية من خلالها "ليتستر وراءهم ويخفى سجله في عمليات الاحتيال".
وقالت المجلة إن "عبدالعزيز عبدالله شهير بالدكتور رغم حصوله على ثانوية أزهرية ثم قبل حصوله على الدكتوراه من ماليزيا مقابل «مرة واحدة»، والغريب هو اعتماد الدكتوراه بالخارجية المصرية"، حسب تعبيرها.
وأشارت "روز اليوسف" لسبق القبض عليه عام 2015 داخل الفيلا الخاصة به بإحدى قرى مركز أشمون منوفية، وحملت واقعة القبض عليه رقم 3725 إداري قسم شبين الكوم، "لاتهامه في عدة قضايا متعلقة بالنصب على مستشارين ورؤساء محاكم ومواطنين بسطاء في شراء وبيع أراضٍ بمنطقة 6 أكتوبر، معتمدا على تأسيس منظمة الشعوب والبرلمانات العربية".
وأشارت المجلة الحكومية إلى أن رئيس منظمة الشعوب العربية "بدأ مبكرا على طريقة كمال الشاذلي (القيادي الراحل في الحزب الحاكم أثناء حكم المخلوع مبارك)، حيث انضم للحزب الوطني في الثمانينيات، واستمر في الصعود حتى أصبح أمين تنظيم مساعد للحزب بالمنوفية".
وفي 31 مايو 2015 نشرت صحف محلية خبرا -استند على بيان من مديرية أمن المنوفية- يفيد بإلقاء القبض على عبدالعزيز عبدالله حماد بتهمة "النصب"، وأنه حاصل على الثانوية الأزهرية، و"انتحل صفة دكتور في الإعلام من جامعة ماليزيا، واستخدم تلك الصفة في النصب على الآخرين".
وقالت مديرية أمن المنوفية آنذاك إن حماد "استخرج 8 بطاقات رقم قومي، تتضمن مهنا مختلفة، منها: المستشار الإعلامي لسفارة ليبيريا بالقاهرة".
وعثرت الشرطة -حسب بيانها- بحوزة حماد على 4 كارنيهات لعدة وظائف منها: وزير مفوض، ورئيس منظمة البرلمانات العربية، وقاضي بالمجلس العربي للتحكيم الدولي.
وأبرزت مديرية الأمن أن حماد "اعترف باستخدام الكارنيهات السابقة للنصب والاحتيال على المواطنين".
وأفاد البيان الرسمي بأن حماد صدرت ضده أحكام نهائية واجبة النفاذ إلا أنه قام بالاحتيال وتغيير رقم البطاقة القومي، واستخرج صحيفة جنائية خالية من الأحكام المطلوب فيها للهروب من العدالة.
وقد اعترف حماد بأنه كان يبيع في 2008 أراضي "وضع يد" لأعضاء جمعية هو رئيسها ومؤسسها سماها (الجمعية المصرية للإعلاميين)، ولكن عبد العزيز عبد الله حماد، يقول إنه صدرت أحكام نهائية بحقه في تهم بينها "النصب وانتحال الصفة" وحصل على حكم بالبراءة.