كتب- رانيا قناوي:
أعرب الكاتب الصحفي وائل قنديل عن دهشته من موقف سلطات الانقلاب تجاه سحب مشروع القرار المقدم ضد الاستيطان الصهيوني، متسائلاً: "هل نسي نظام عبد الفتاح السيسي نفسه، أو فقد ذاكرته، مساء الأربعاء الماضي، حين تقدم مندوبه لمجلس الأمن بمشروع قرار يدين الاستيطان الصهيوني ويطالب بإيقافه؟! هل كانت لحظة طيش من الجنرال، هدية السماء للشعب المختار، وبطل إسرائيل القومي، بتعبير معلق الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" آرييه شافيت؟".
وأشار قنديل- خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم السبت- إلى ما كتبه شافيت، عقب انقلاب 30 يونيو 2013، بأن "الجنرال عبد الفتاح السيسي هو بطل إسرائيل، فلا يحتاج المرء أن تكون لديه عين ثاقبة بشكل خاص حتى يكتشف حجم التشجيع العميق والإعجاب الخفي الذي تكنه النخبة الإسرائيلية تجاه قائد قوات الجارة الكبرى من الجنوب، الذي قام للتوّ بسجن الرئيس المنتخب الذي قام بتعيينه في منصبه".
وعاود قنديل سؤاله "هل تذكر السيسي، فجأة، أن مصر دولة عربية، فاتخذ قراره بالتطهر، ناهضًا من الفراش الإسرائيلي، الوثير، مديرًا ظهره لجمهوره الصهيوني العريض؟! ثم اكتشف السيسي خطأه، ظهيرة اليوم التالي، الخميس، فأمر مندوبه بسحب مشروع القرار، عقب اتصال من الكفيل، الدائم، بنيامين نتنياهو، سبقته "تحميرة عين" من اليميني المتصهين دونالد ترامب؟ هل عاد السيسي إلى صوابه، بعد شدة أذن، أميركية إسرائيلية، جعلته ينحني، معتذرًا تائبًا مستغفرًا، مدعيًا ـ مثلاً ـ أنه لم يكن يعلم بمشروع القرار، وفور علمه به، أوقف هذه المهزلة؟".
وشبه قنديل السيسي بعادل إمام في فيلم "طيور الظلام" حينما كان محاميًا انتهازيًا بعد أن كان صعلوكًا يريد الاقتراب من الكبار ليس ليكون كبيرًا، وإنما ليقضم قطعة "هبرة" من اللحم والثروة والنفوذ، موضحًا أنه قبل زوبعة مشروع القرار المصري في مجلس الأمن، كان عبد الفتاح السيسي يغني "إني أغرق" على صفحات"فايننشال تايمز" وهو يلوح، لمن يهمه الأمر، بأن شعبيته تتراجع، وبأن موضوع بقائه رئيسًا لفترة قادمة غير محسوم، وبالتزامن مع التصاعد الدرامي في موضوع القرار المصري لإدانة الاستيطان، صرخ السيسي في افتتاح مجمع طبي للقوات المسلحة"الحقوني.. ظروف البلد صعبة وكل واحد يمد إيده يحط حاجة".
وقال إن السيسي كان في لحظة يستشعر فيها خطر الانهيار، أكثر من أي وقت مضى، فالكبار الإقليميون غاضبون، متوقفون عن وضع المزيد من المال في جيبه، وملء المزيد من الصحون بالأرز فوق مائدته، بل وصل الأمر إلى مرحلة ما يشبه الإجراءات التأديبية على غدره، وتلاعبه، فكان لا بد من مخاطرة، مدروسة بعناية، للاقتراب والاحتماء بمن هم أكبر من الكبار، أميركا وإسرائيل، وخصوصًا مع صدمة أوساط السيسي من التقارب الروسي – التركي في لحظة كانوا يظنون أنها لحظة الابتعاد والفراق، عقب اغتيال سفير موسكو في أنقرة.
وأوضح أن الاقتراب من الكبار في دراما الصعاليك يتطلب تكتيكات ومهارات، ذلك أنهم لا ينتبهون لوجود الصغار إلا إذا أحدثوا بعض الشغب، وأثاروا كثيرًا من الصخب، ولوحوا بنزق سلوكي، قد يمثل خطورة على مصالحهم، أو إحراجًا لهم، فيكون الحال ترضية الصعاليك المتمردين، باتصال هاتفي حميم، ثم دعوة على العشاء في البيت الكبير، مع وعود بشيء من الفخفخة والنغنغة، تمتلئ معه الثلاجة بما لذ وطاب، ويصبحون في معية "الفتوات" وتحت حمايتهم، إلى حين.