في ظل تصاعد الانتهاكات الحقوقية التي تتوسع بصورة شرسة بمصر، ما زالت بيانات وإدانات المنظمات الدولية وصرخات الحقوقيين تتعالى ضد ما يجري في مصر، تحت سمع وبصر العالم، وقد أدانت منظمات “تحالف المادة 55″، ظاهرة تدوير الاعتقال أو الاعتقال المتجدد، في مصر، وقالت: إنها “باتت أحد أساليب وأدوات السلطات المصرية لقمع المعارضين السياسيين لديه، وإنه كابوس يحطم آمال المحبوسين ويقضي على فرصة تحررهم من أسر القيد أو الاندماج مع المجتمع مرة أخرى بسلاسة، وكذلك هو جريمة حقوقية تنتهك العديد من الحقوق الإنسانية الأساسية، من أهمها؛ الحق في الحرية”.
و”التدوير” إجراء استحدثته السلطات، وتتوسع في تطبيقه مؤخرا؛ وذلك للتحايل على القانون ومن أجل تفادي فترات الحبس الاحتياطي المطولة؛ إذ ينص القانون المصري على أنه لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على سنتين، فأصبح قبل انتهاء مدة السنتين يتم إخلاء سبيل السجين السياسي، ومن ثم تدويره على ذمة قضية جديدة، ويصبح إجرائيا احتجازه صحيحا رغم مخالفته للقانون وعدم وجود أدلة.
وأضافت المنظمات في بيان لها أمس الاثنين، أنه في بعض الحالات يُضاف المعتقل على قضية جديدة قبل إخلاء سبيله في القضية الأولى، حتى يتم ضمان أنه في حالة إخلاء سبيله من القضية الأولى يظل قيد الاحتجاز والحبس الاحتياطي على ذمة القضية الثانية المضاف إليها، وتتلازم ظاهرة التدوير مع حالة الطوارئ، فعرفت مصر منذ عام 1923، اعتقال المعارضين من خلال ما يُعرف بالأحكام العرفية، وتطورت حالة الطوارئ وترسخت مع قدوم الجمهورية، حيث كان أول قانون للطوارئ؛ هو قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وما تلا ذلك من تعديلات عليه أسهمت في تركيز السلطات في يد السلطة التنفيذية وتهميش بقية سلطات الدولة، وزاد بطشه في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وجاء السيسي، ليؤكد ذلك الأمر ويزيده قمعا من خلال ما يُعرف بتدوير الاعتقال، بحسب المنظمات.
الإخفاء القسري
كما أشارت المنظمات إلى أن “تدوير الاعتقال– الاعتقال المتجدد” يقترن بجرائم أخرى، من أبرزها؛ الاختفاء القسري الذي يمارسه الأمن الوطني من خلال خطف الأفراد من أقسام ومراكز الشرطة أثناء قضائهم مدد المراقبة اليومية، وخطف هؤلاء الصادر بحقهم قرارات بإخلاء السبيل أو الإفراج من داخل أقسام الشرطة، وإجبارهم على المكوث أياما أو شهورا على ذمة تأشيرة الأمن الوطني بخروجهم، مضيفة “يتعرض المعتقلون على ذمة العديد من القضايا للتعذيب داخل مقرات الأمن الوطني، ومعسكرات الأمن المركزي، وكذلك أقسام الشرطة ومديريات الأمن، في ظل غيبة تامة لتفتيش النيابة والقضاء على مقار الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، بحسب البيان.
القتل بالإهمال الطبي
أيضا أشارت المنظمات إلى أنه من ضمن صور الجرائم المرتكبة أثناء الاعتقال التعسفي المتجدد؛ الحرمان من الرعاية الصحية، حيث تعمد حرمان الرعاية الصحية للمعتقلين السياسيين، هو أمر ممنهج ومقصود في مصر، خصوصا مع الحالات التي تتعرض للإخفاء القسري لحين عرضها على ذمة قضايا جديدة، فمن المفترض أن المعتقل غير موجود في السجلات الرسمية للاحتجاز داخل المؤسسة، لذا فإن نقله إلى مستشفى في حالة تعرضه لأزمة صحية قد يعرض المسؤولين للمساءلة القانونية، لهذا يمتنع الكثير منهم عن تقديم الرعاية الصحية للمعتقلين.
جرائم أخرى
ومن ضمن الانتهاكات التي أدانتها المنظمات “يحرم من يتم تجديد اعتقاله من العديد من حقوقه الإنسانية الأساسية، والتي من أهمها؛ حق الاتصال بالعالم الخارجي، وذلك راجع لطبيعة مقرات الاحتجاز السرية، ولرفض المسؤولين عن تجديد الاعتقال لإفشاء أي معلومة عن المختفين قسريا لمدد طويلة، كما يمنع من يجدد اعتقاله من حق الاستعانة بمحامي الدفاع، وهو ما تمت ملاحظته في العديد من القضايا العسكرية والقضايا المعروضة أمام نيابة أمن الدولة العليا، وهو أن الأسباب المدرجة في المحاضر تشمل- دون حصر- إغلاق النقابة، عدم وجود محام أو رفض المحامين المنتدبين الحضور مع المتهم، وفي أحيان أخرى، تجري التحقيقات بمقرات شرطية يصعب وصول وحضور المحامين إليها، وعليه تسارع النيابات في إجراء التحقيق في غيبة المحامي تذرعا بضرورة التحقيق والخوف من ضياع الأدلة” طبقا للمنظمات.
ورأت منظمات التحالف أن “تدوير الاعتقال” يعد مؤشرا خطيرا على غياب دولة القانون، كما أنه خطر على بنية الدولة واستقرارها، وأن الانتصاف القانوني ومجابهة سوء استغلال النفوذ والتعسف في استخدام السلطة بات أمرا صعب المنال في مصر بسببها.
يشار إلى أن تحالف المادة 55 يضم منظمات “لجنة العدالة- مركز الشهاب لحقوق الإنسان- الشبكة المصرية لحقوق الإنسان- حقهم- نحن نسجل- المؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية- نضال”.