“من هنا بدأت السنج والسواطير”.. كارثة دمياط حادثة بشعة وبلطجة مستمرة منذ فض رابعة والنهضة

- ‎فيتقارير

بينما عبر المصريون بمزيد من البؤس والشؤم في الذكرى التاسعة لمجزرة فض رابعة العدوية والنهضة، تثار التساؤلات بشأن ما شهدته مصر على مدار 9 سنوات من أحداث وما وصلت إليه البلاد كنتيجة غير مباشرة للمجزرة، وما دفعه ويدفعه الشعب المصري منذ الفض وحتى اليوم.

وكما استيقظ المصريون فجر يوم 14 أغسطس 2013، على وقع مجزرة إنسانية وصفت أحداثها منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها "جرائم ضد الإنسانية، وأخطر حوادث القتل الجماعي غير المشروع في التاريخ المصري الحديث، استيقظوا اليوم على كارثة دمياط، لبلطجي لا يقل إجراما عن السفاح السيسي، اعتدى على شاب ووالدته بسلاح أبيض في محافظة دمياط، لدرجة وصلت إلى بتر يد الضحية ووالدته أمام أعين الناس، والتسبب في إصابتهما بعاهات وقطع في الأيدي".

 

ليلة سقوط مصر

قبل تسع سنوات على كارثة دمياط اقتحمت قوات من الجيش والشرطة مدججة بكامل أسلحتها وعتادها، مقر اعتصام أنصار الرئيس الشهيد محمد مرسي، الذي استمر منذ 30 يونيو 2013 وحتى 14 أغسطس 2013 في ميداني "رابعة العدوية" شرق القاهرة و"النهضة" غرب القاهرة.

تلك القوات ارتكبت أبشع مجازر القتل والقنص والحرق بحق آلاف المعتصمين الرافضين لانقلاب السفاح السيسي في 3 يوليو 2013 إذ وصلت تقديرات أعداد القتلى وفق تقرير وزارة الصحة المصرية إلى 670 قتيلا ونحو 4400 مصاب.

لكن تقديرات المستشفى الميداني في رابعة والنهضة، وتقديرات جماعة الإخوان المسلمين وبعض المنظمات الحقوقية تشير إلى أن عدد القتلى يزيد على 4 آلاف معتصم.

ومع كل حادثة بشعة في المجتمع المصري يظهر تأثرها بأعمال البلطجة، يستحضر المصريون ذاكرة فض الاعتصامين رابعة والنهضة الدموية، ويتجدد الجدل حول علاقة انتشار هذه الأنواع من الجرائم الغريبة والقاسية بانتشار سلوك العنف والبلطجة للجيش والشرطة والقضاء، سواء بالاعدامات او القتل خارج نطاق القانون كما في سيناء واخيرا قيام القضاة المرتشين الفسدة بقتل خليلاتهم كما جرى مع القاضي أيمن حجاج والضحية الإعلامية شيماء جمال.

ويرى المراقبون أن البلطجية أمثال المجرم "إبراهيم الخياط" مرتكب حادثة كفر البطيخ في دمياط، اعتادوا على المشاهد الصادمة والدموية الممزوجة بأعمال البلطجة والعنف والقتل، التي قامت بها الداخلية والجيش في فض اعتصام رابعة والنهضة، ثم انتقلت إلى الواقع شيئا فشيئا في مشاهد متكررة.

يقول مازن شبانة شقيق المجني عليه " أطالب بالمحاكمة العاجلة للبلطجي "إبراهيم الخياط" الذي حاول ذبح أخي  "محمد شبانة" على مرأى من الناس وقطع رقبته بآلة حادة وأصابه بقطع في الرقبة 10 سم وقطع أوتار اليدين ثم استكمل وهو ملقى على الأرض وعندما حاولت أمي الدفاع عنه ، أكمل عليها فقطع يدها اليسرى".

ويقول الناشط محمد سليمان " اللي بيقول أن البلطجة دي ظاهرة بسبب أفلام الزريبة يبقي غلطان ، البلطجة موجودة من أيام مبارك ، الأفلام دي بس عشان تبقى مبررا أو سيبلمنال للعقل  ، الواقع مشروع عسكر نجس عايز يعمل لنفسه عصابه تحت اسم أن الأفلام هي اللي عملتهم عشان ميتكشفوش".

 

البلطجي الأكبر

ومنذ الفض استباح السفاح السيسي – البلطجي الأكبر- دماء الشعب بقتل ما يريد دون حساب أو رقابة، وأصدر أحكام الإعدام، فتحولت حياة المصريين إلى مآتم لا تنقطع، ولم يعرف الشعب منذ الانقلاب طعم الفرح ، فكل من يعارضه متهم ومجرم ، السياسي المصري طارق مرسي، يقول إن  "فض رابعة ليست مجرد ذكرى ولا بكائية سنوية، لكنه في حقيقته جريمة أخلاقية وخطيئة وجرم يستوجب اللعنة والعقوبة".

ويضيف "لم يكن الفض مجرد أرواح أُزهقت ولا أشلاء تناثرت، وإن كانت الأرواح وحياة الإنسان أعظم ومن أجلّ المقدسات، لكنها كانت انهيارا لجدار الوطنية وكسرا لحاجز الإخوة بين مكونات الشعب، وسقوطا لقيم الرحمة والإنسانية والعدالة والواجب".

"ربما ينظر البعض لما حدث في رابعة على أنه انتصار أو غلبة في جانب وانكسار وهزيمة في جانب آخر، وربما يتعامل معها البعض كصراع سياسي يمكن أن يُقبل في إطار التدافع نحو الحكم أو التدافع الأيدلوجي أو حتى الطائفي"، وفق مرسي.

ويتابع "لكننا وبعد 8 سنوات من هذه الفاجعة نستطيع أن نلمس أن الدماء التي أريقت في رابعة تتحول كل يوم إلى لعنة وانتقام يطال كل من رضي بها وتجاوزها".

"بل إن خطورة هذا الجرم التاريخي هو أن لعنات الدماء تنال الجميع، وأن الوطن كوطن وساكنيه ممثلين في شعب مصر يعانون على كل الأصعدة وبمنتهى القسوة".

البرلماني المصري السابق يتساءل "أليست مصر الدولة تتعرض للانتقاص من هيبتها وكبريائها؟ بل الانتقاص حتى من مساحتها الجغرافية جنوبا وشمالا، أليست مصر الدولة تقف اليوم على حافة الهلاك جوعا وعطشا بعدما أوشكت على فقد شريان حياة المصريين؟".

ويواصل "أليس الشعب المصري يعاني الغلاء في الأسعار وقلة البركة والتنازع والفشل والتردي الأخلاقي والسقوط الاجتماعي والثقافي والصحي والاقتصادي، وكل نواحي الحياة".

"هل نجا أحد من الشعب المصري من جور السلطة؟ وهل أحد في منجى من مسببات القهر وضنك العيش والبلطجة وسوء الأخلاق؟ يكمل مرسي تساؤلاته.

ويضيف "إنها عقوبة السماء تطال الجميع، ولن تُرفع إلا برد المظالم ورفع سيف الظلم عن المظلومين والوقوف ضد الباغي والانتصاف للضعيف".

ويختم "وكلها موازين قيمية يجب أن ندركها اليوم أو غدا قبل أن يحرقنا جميعا الطوفان".

وأثارت جريمة دمياط والصور المتداولة بشأنها للبلطجي إبراهيم الخياط غضبا شديدا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين طالبوا بمحاكمة الجاني، وإنزال أشد العقاب به، لردع من يمارسون البلطجة، وهم لا يعلمون أن البلطجة جزء أصيل من سياسة عصابة العسكر.