هانوا على العسكر..الأزهر يدعو لوقف الانتحار بمبادرات “أنت غال علينا” و”حياتك تستاهل تتعاش”

- ‎فيتقارير

 

يعيش ملايين المصريين تحت وطأة العسكر حياة سوداء كئيبة، هذا ما دفع الأزهر الشريف عبر بوابته الإلكترونية إلى نشر مبادرة بصورة عاجلة تحت عنوان (أنت غالٍ علينا) بعد تزايد حالات انتحار الشباب والفتيات في مصر الآونة الأخيرة.

 

ما القصة؟

وأطلق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية منذ فترة، مبادرة أنت غال علينا؛ لسماع الشباب، وتقديم الدعم النفسي لهم والتواصل البناء معهم، بما يعينهم على حل مشكلاتهم وتجاوز تحدياتهم.

سبق وأطلقت هيئات دينية بالآونة الأخيرة، مبادرات عدة لمواجهة حوادث الانتحار، من بينها مجمع البحوث الإسلامية الذي أطلق حملة بعنوان حياتك أمانة حافظ عليها للتوعية بمشكلة الانتحار، فضلا عن حملة معا ضد الانتحار، برعاية المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، للتوعية من منابر المساجد وبالمدارس والجامعات.

وأطلقت مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان التابعة لوزارة الصحة والسكان المصرية، حملة أخرى بعنوان "حياتك تستاهل تتعاش" للدعوة إلى التوجه لأول عيادة حكومية يتم فتحها لمواجهة مشكلة الانتحار عند الحاجة، بالإضافة إلى الإعلان عن الخط الساخن للدعم النفسي والطوارئ والاستشارات النفسية للأمانة العامة للصحة النفسية، بوزارة الصحة والسكان، لتلقي الاستفسارات النفسية والدعم النفسي ومساندة الراغبين في الانتحار، كما يقدم المجلس القومي للصحة النفسية خطا ساخنا لتلقي الاستفسارات النفسية؛ لكن مراقبين لا يرون أن تلك الحملات والخطوات كافية لمواجهة هذه الحوادث.

 

هانوا على مصر

ففي الوقت الذي كان ينشغل فيه المصريون بمتابعة بتفاصيل جريمة قتل طالبة أمام بوابات جامعة المنصورة على يد زميلها، ألقى شاب بنفسه من أعلى برج القاهرة، ولقي مصرعه فور سقوطه، وتبعه شاب آخر بعد ساعات قليلة بالقفز أثناء قيادته سيارة، من أعلى جسر في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية.

ووفقا لوسائل إعلام محلية، فإن شاب المنصورة المنتحر، كتب على صفحته الشخصية على موقع فيسبوك، إنه على حافة الانتحار، وأوصى بعدم سير والده في جنازته.

وشهد برج القاهرة حوادث انتحار سابقة، كان من بينها حادث انتحار شاب جامعي في شهر ديسمبر عام 2019.

وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، نشر عام 2019، فإن مصر في مرتبة متقدمة بنسبة 3 حالات لكل 100 ألف شخص، رغم تصدر مصر قائمة أعداد المنتحرين سنويا في المنطقة العربية، نظرا لضخامة تعدادها السكاني.

 

 

التعاسة في مصر

الأمر في تطور في ظل حكم العسكر، الأمر الذي دفع التلفزيون الألماني لإعداد تقرير عن ارتفاع (معدلات التعاسة بين المصريين) على الرغم من إعلان سلطات الانقلاب العسكرية عن توجه لدى الدولة لإنشاء وزارة للسعادة في القريب العاجل؛ بهدف تعزيز مستويات ثقة المواطن بأجهزة الدولة المختلفة، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وقال التليفزيون الألماني "دويتش فيله" إنه "عندما تنجح خطوات الإصلاح الاقتصادي في زيادة الاستثمارات وتخفيض عجز ميزانية الدولة ورفع معدلات النمو، ينتظر المرء في العادة تراجع نسبة الفقراء وتعزيز دور الطبقة الوسطى التي تعيش في رفاهية، غير أن الوضع في مصر يبدو على خلاف ذلك، فمؤشرات الاقتصاد الكلي الجيدة، وفي مقدمتها نسبة النمو التي تزيد على 5 بالمائة، لم تنجح في تقليص نسبة الفقر، بل زادت الوضع تعاسة".

وأضاف أن آخر بيانات الجهاز المركزي المصري للإحصاء تفيد بأن نسبة المصريين تحت خط الفقر ارتفعت بنحو 5 بالمائة، من قرابة 27.8 بالمائة عام 2015 إلى نحو 32.5 بالمائة عام 2018، وهي أعلى نسبة منذ نحو عقدين، ويشمل ذلك الأفراد الذين يقل دخلهم الشهري عن 45 دولارا في الشهر. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الذين يتقاضون شهريا بين 45 إلى مائتي دولار في الشهر ولا يعيشون حياة رغيدة يشكلون أكثر من ثلث المصريين على الأقل، فإن نسبة الفقراء الذين لا يستطيعون توفير حاجاتهم الأساسية اليومية تزيد على الثلثين.

 

ارتفاع نسبة الفقر

وطرح "دويتش فيله" تساؤلا ، كيف يحصل ذلك في بلد وعد فيه عبد الفتاح السيسي وحكومته المصريين مرارا وتكرارا بالرفاهية من خلال تحسين مستواهم المعيشي بعد البدء بإصلاحات قاسية ومؤلمة، من أبرزها تعويم الجنيه المصري في خريف عام 2016؟.

 

مصر الأكثر تعاسة

وأشار التقرير أيضا إلى أنه في الوقت الذي تتنافس فيه دول على تصدر قوائم الشعوب الأكثر سعادة في العالم، ثمة مضمار آخر يكون التنافس فيه غير مقصود للشعوب الأكثر تعاسة على الأرض، ومن بينها ثلاث دول عربية.

وبالرغم من أن المصريين اشتهروا على مدار التاريخ بحسهم الفكاهي العالي، لكنها في الحقيقة سعادة كاذبة، حيث كشف تقرير حديث عن تصدر مصر لقائمة الدولة الأكثر تعاسة في العالم، بحسب تقرير شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة.

ففي تقرير  سابق لشبكة الأمم المتحدة حول الدول الأكثر سعادة 2018، ضم 158 دولة على مستوى العالم، تم ترتيبها من الأسعد إلى الأتعس تنازليا، جاءت مصر في المرتبة الأولى عربيا قبل سوريا واليمن اللتين تشهدان صراعات مسلحة منذ 6 سنوات.

ويربط مؤشر "هانك" السنوي للتعاسة لعام 2018 ما بين مؤشرات اقتصادية لـ95 دولة ومستوى التعاسة أو السعادة فيها، معتمدا على معدلات البطالة ونسب التضخم وأسعار الفوائد على القروض المصرفية مطروحا منها النسبة المئوية للتغير في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد.

 

ضغوط اقتصادية وانعدام أمل

وأرجع الدكتور عمار علي حسن، تلك المؤشرات المرتفعة إلى أن قسما كبيرا من المجتمع المصري أصبح غير قادر على الاستمرار في الحياة؛ نتيجة الضغوط الاقتصادية الهائلة وانعدام الأمل في المستقبل، كما أن هناك انتحارات لأسباب عاطفية أو خلافات أسرية، بالإضافة إلى أسباب تتعلق بالاضطرابات النفسية أو ما يسمى بالاكتئاب العميق أو الاكتئاب الانتحاري.

يوافقه الرأي الباحث محمد الصاوي، حيث قال إن "حالات الانتحار مؤشر لقادم أسود للبلاد من حيث البيئة الخصبة للحالة التي يعيشها المصريون".

وأشار إلى أن دولا مثل السويد ينتحر بها الفرد لعدم شعوره بالحياة برغم العيش الرغد الموجود فيه ، لكن حالة المصريين تختلف جذريا فهم لا يجدون الحياة من الأساس كي يعيشوا، وهذا سبب كافٍ لإطلاق أنفسهم لحالات الانتحار في الميادين والشوارع وأسفل عجلات المترو.

 

تحت خط الفقر

من جانبها، قالت إذاعة صوت ألمانيا، إن "مؤشر الفقر والتعاسة لدى المصريين قد ارتفع رغم إعلان الحكومة المصرية عن زيادة معدل النمو بشكل غير مسبوق منذ عام 2011".

آخر بيانات الجهاز المركزي المصري للإحصاء تفيد بأن نسبة المصريين تحت خط الفقر ارتفعت بنحو 5 بالمائة، من قرابة 27.8 بالمائة عام 2015 إلى نحو 32.5 بالمائة عام 2018، وهي أعلى نسبة منذ نحو عقدين، ويشمل ذلك الأفراد الذين يقل دخلهم الشهري عن 45 دولارا في الشهر.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الذين يتقاضون شهريا بين 45 إلى مائتي دولار في الشهر ولا يعيشون حياة رغيدة يشكلون أكثر من ثلث المصريين على الأقل، فإن نسبة الفقراء الذين لا يستطيعون توفير حاجاتهم الأساسية اليومية تزيد على الثلثين، بل أيضا معدلات البطالة العالية رغم الادعاء بوجود مشاريع واستثمارات كبيرة برعاية الدولة في أكثر من منطقة في البلاد.