بذاءات تامر أمين ضد الصعيد.. وهل جاءت إلا بوحي السيسي؟

- ‎فيتقارير

ما قاله الإعلامي تامر أمين، المقرب من السلطة وأجهزة الطاغية عبدالفتاح السيسي، بحق الصعيد وأهله، لا يكافئ عشر(1/10) ما فعله السيسي بحق الصعيد وأهله. ولعل الجرم والكذب الذي لاكه لسان أمين بأن الصعايدة ينجبون الأبناء والبنات ثم يشحنونهم إلى القاهرة ليعملوا كخادمات في البيوت، لكي ينفقوا على أهليهم، وقاحة منقطعة النظير بحق بنات مصر ورجالها وأصحاب القيم والعادات الأصيلة من أهل الصعيد.
أراد تامر أمين ركوب موجة التطبيل لمقولات السيسي وسياساته الهادفة للحد من النسل ومواجهة الزيادة السكانية التي لا يحسن استغلالها أو التعامل معها اقتصاديا وتنمويا، نظرا لفشله في الاستثمار والتنمية البشرية. وقد حذر السيسي خلال سنوات ما بعد الانقلاب من مخاطر الزيادة السكانية التي لم تكن عائقا أمام التقدم في اليابان أو النمور الآسيوية، حتى باتت الزيادة السكانية شماعة للفشل والفقر الذي ينشره العسكر في ربوع مصر، وعلى نفس النهج حوَّل رجال دين السيسي الزيادة السكانية لمكلمة أيضا، حتى بات العقم عند وزير أوقاف السيسي "مختار جمعة" نعمة، خلال حطبة الجمعة الماضية، بل بات الحقن المجهري الجائز شرعا إلى محرم عند نفس الكائن الانقلابي الذي لا يراعي مكانة منصبه أو قواعد الدين والفقه. وهو نفس المنحى الذي ذهب إليه مفتي مصر السابق علي جمعة الذي وصف الزيادة السكانية بأنها هدم للإنسان، وأن الرسول لن يتباهى بعدد المسلمين، بل ذهب الكاتب الأمنجي محمد الباز إلى التقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لو كان يعيش في زماننا لما قال حديثه، تناكحوا تكاثروا فاني مباه بكم الأمم!

ماذا فعل السيسي بالصعيد؟
ولعل تجويد تامر أمين لكلمات وإستراتيجية السيسي بالذهاب بعيدا وانتقاد أهالي الصعيد فيما يخص الزيادة السكانية، كان مقصودا من قبل دوائر السيسي الاستخباراتية والتي تحاول عبر الآلة الإعلامية صناعة رأي عام مؤيد لمواقف النظام في القضايا كلها، لكن بذاءة تامر أمين اصطدمت بغضب الصعايدة، بينما يتجاهل كثيرون أن ما قاله تامر أمين هو ما تمليه عليه أجهزة السيسي المخابراتية والأمنية، وأن من يوحي إلى تامر أمين وشلة الإعلام بهذه البذاءات إنما هو شيطان السيسي الرجيم.
وجاءت ردة فععل الصعايدة وتعليقاتهم على الفضاء الالكتروني صدمة للنظام الانقلابي الذي سارع لامتصاص غضب الصعايدة عبر تقديم قربان وقف برنامج تامر أمين بعض الوقت ومحاكمته بمحكمة جنح مدينة نصر 20 مارس المقبل، وكأن لسان حالهم يقول: "كفاية.. لا تثر علينا الصعايدة، بعدما كانوا قد ثاروا في 20 سبتمبر الماضي فيما عرف بثورة الجلاليب".
وعلى أثر الغضبة الشديدة لأهل الصعيد، قامت نقابة الإعلاميين بإلغاء تصريح مزاولة المهنة لأمين مقدم برنامج "آخر النهار" على قناة "النهار" بعد انتهاء التحقيق معه بسبب تحدثه بأسلوب غير لائق عن أهالي الصعيد!
القرار الذي بات مفهوما لامتصاص غضب الصعايدة يُخفى وراءه الكوارث الحقيقية التي يمارسها السيسي ونظامه بحق الصعيد وأهله. فمنذ أيام قليلة، هاجم إعلام السيسي الصعايدة حينما قرر السيسي وكامل الوزير، وزير النقل بحكومة الانقلاب، منع دخول قطارات الصعيد إلى محطة رمسيس، ونقل محطة قطارات الصعيد إلى منطقة بشتيل، ولاك إعلاميو السيسي في الصعايدة زاعمين أنهم سبب أزمة المرور بقلب القاهرة والزحام والعشوائية، رغم الدور الكبير للصعايدة في حركة البناء والاقتصاد في عموم مصر.
كما قام السيسي بتعطيش الصعيد من المشروعات الاستثمارية؛ وهو ما تسبب في زيادة الفقر والبطالة في أوساط الصعايدة، بل حرم السيسي الصعايدة من المستشفيات المتطورة وتقديم الخدمات الصحية اللائقة بهم، وترك المجال للجمعيات الخيرية لتتسول على الصعايدة ومرضاهم، وهو ما نشاهده عبر كم الإعلانات الكبير عن التبرع لمستشفيات السرطان والحروق وغيرها بالصعيد، وإعلانات شراء بقرة أو بط لأسر الصعيد من تبرعات رجال الأعمال دون الإشارة من قريب عن دور وزارات السيسي في تنمية الصعيد.

استحواذ العسكر
بل إن استيلاء العسكر على اقتصاد مصر حرم الشباب ومن هم في سن العمل من إيجاد فرصة عمل في مشاريع قائمة استولى عليها أو استحدثها العسكر في عموم مصر، كمشروع "أسمنت بني سويف" الذي يديره العساكر بنظام السخرة. وأيضا خرب السيسي وعساكره اقتصاد الصعيد عبر خفض أسعار المحاصيل الزراعية وقت الحصاد؛ ما أدى إلى أن يحرق بعض الصعايدة محاصيلهم في الأرض بدلا من بيعها وتحقيق خسائر أكبر كما يجري في محصول قصب السكر والقمح والفول وغيرها.
وزادت سياسات التوحش في فرض الضرائب والرسوم على تعطيل معظم الأنشطة الصغيرة والمتوسطة في عموم مصر وفي القلب منهم أهل الصعيد. وأدت السياسات الثقافية لعزل أهل الصعيد وتصويرهم في المسلسلات بأنهم تجار مخدرات أو قاتلين مأجورين أو غيرها من أوصاف البلطجة والعنف لخلق حواجز ثقافية كبيرة بين عموم أهل مصر والصعايدة، وهو ما يستوجب عزل السيسي من منصبه كما يجري مع تامر أمين أو أي قرابين أخرى تقدم لاسترضاء غضب وقتي، مع الإبقاء على قنابل موقوتة تنتظر الانفجار في وجه الجميع في مصر، سواء كانت مناسبتها قرارات هدم البيوت أو الإخلاء القسري ضد السكان المحليين مثلما يجري في القرنة بالأقصر أو قنا والمنيا وبني سويف.