كتب سيد توكل:
واصل المعتقلون الرافضون للانقلاب في سجن ليمان المنيا الجديد وعدد من السجون الأخرى، إضرابهم عن الطعام لليوم الرابع على التوالي، بسبب سوء المعاملة ومنع المياه النظيفة عنهم في رمضان، بالإضافة إلى ضربهم وسبهم ووضعهم في التأديب، وفي الوقت الذي يودع ملايين المسلمين العشر الأواخر من رمضان، هناك عشرات الآلاف يقبعون داخل زنازين التعذيب والقهر، محرومون من أبسط حقوقهم وأدنى متطلباتهم الإنسانية.
وتزايدت حالات الموت داخل سجن العقرب بشكل كبير، منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو 2013، جراء ما يؤكده حقوقيون وذوو المحتجزين "الإهمال الطبي وسوء المعاملة"، في وقت تصاعدت فيه وتيرة "الانتهاكات"، داخل السجن منذ تولي وزير الداخلية الحالي مجدي عبدالغفار، وتصعيد حسن السوهاجي مديرا لمصلحة السجون.
وأدان مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، الانتهاكات بحق المعتقلين، محملاً إدارة السجن مسئولية سلامتهم، مطالبًا النيابة العامة بالقيام بدورها والتحقيق في تلك الوقائع، وإحالة المتورطين فيها للمحاسبة.
وأشار محمد جابر (اسم مستعار) المعتقل بسجن جمصة شديد الحراسة إلى أن أحد المظاهر الرمضانية في المعتقل "ملازمة المصحف في أي مكان يوجد فيه المعتقل، وكثرة حلق التدبر والذكر والقراءة الجماعية وتكليف أغلب المعتقلين بقول خواطرهم الخاصة بعد كل صلاة بما يساعد على شد العزم ورفع الإيمانيات لدى السامعين".
ويرى أن ما يميز "رمضان المعتقل" عن غيره هو تلك الروح والبرامج الجماعية في الإفطار والسحور وصلاة القيام وحلق الذكر، حيث تضفي كلها طابعا خاصا "لم يعشه أي منا قبل اعتقاله".
ويضيف "في قلب كل محنة منحة، وأغلبنا رغم محنة الأسر والبعد عن الأحباب، يعيش في خلوة وبعد عن مشغلات الحياة، ويأنس بالطاعة وعون شركاء الزنزانة، وهو ما يجعل من رمضاننا داخل المعتقل منحة ربانية تعيننا على ظروفنا الصعبة".
حرمان المعتقلين
ويكشف "عادل عبد السميع"، وهو معتقل سابق بسجن العقرب شديد الحراسة، عن أن الانتهاكات التي يتميز بها العقرب لا تتغير في رمضان، بل قد تزداد حيث تتعمد إدارة السجن حرمان المعتقلين من أي أمر يساعد على الإحساس برمضان وأجوائه.
وأضاف أن "معتقلي العقرب محرومون من الصلوات الجماعية، ومن معرفة أوقات الصلاة بشكل دقيق، وهم محرومون من حقهم الطبيعي في المطعم والمشرب، فضلا عما يمكن أن تقتضيه الأجواء الرمضانية من حلويات أو عصائر أو نحوها".
من جهتها قالت سلمى أشرف، مسئولة الملف المصري في منظمة هيومن رايتس مونيتور الدولية :"رغم التساهل الطفيف ببعض المعتقلات فإن ذلك لم يمنع حدوث حالتي وفاة نتيجة الإهمال الطبي داخل المعتقل خلال رمضان".
وأشارت إلى :"استمرار حالات التكدس في الكثير من السجون رغم حرارة الصيف والصيام، واستمرار الحرمان من الدواء والرعاية الطبية، كما لم يسلم المعتقلون من إيذاء وتنكيل إدارة بعض السجون، ورفض بعضها إدخال الطعام الذي يجلبه أهاليهم تنكيلا بهم".
وذكرت أن "سجن برج العرب يشهد إضراب المعتقلين الصائمين عن الطعام اعتراضا على التعدي على الطلاب وضربهم أثناء نقلهم لتأدية الامتحانات، كما يعاني معتقلو سجن ترحيلات شبين الكوم من التكدس وأمراض جلدية"، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات حدثت بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي حل منذ يومين.
أسوأ المعتقلات
ووصف الناشط الحقوقي عزت غنيم، وضع المعتقلين داخل سجن ليمان المنيا بأنه "شديد السوء"، موضحًا أن "القصة بدأت بنقل مجموعة من المحتجزين في سجون القاهرة لسجون المنيا، من بينهم أحمد مصطفى غنيم المتحدث باسم ما يسمى "طلاب ضد الانقلاب"، حيث يتم معاملتهم بطريقة غير آدمية".
وكشف غنيم عن وجود عدد كبير من السجون أعلن معتقلوها إضرابهم عن الطعام في رمضان مثل سجن شرطة طلخا بالدقهلية، الذي وصفه بأنه من "أسوأ المعتقلات، وبسببه أضرب بعض المساجين عن الطعام، وتقدمت الأسر بأكثر من شكوى لمأمور القسم دون جدوى".
وأوضح الناشط الحقوقي، أنه من "بين هذه السجون أيضًا سجن العقرب شديد الحراسة، حيث دخل المحتجزون فيه إضرابًا عن الطعام من قبل رمضان ولازال مستمر حتى الآن"، مشيرًا إلى أن سبب الإضراب في الغالب هو سوء المعاملة والتغذية والمياه الملوثة ومنع الزيارات والضرب والسباب.
معيشة قاسية
بدورها، حملت جماعة "الإخوان المسلمين"، سلطات الانقلاب المسئولية الكاملة لما يتعرَّض له المعتقلون السياسيون بسجن "ليمان المنيا الجديد"، من ظروف معيشية قاسية، وقطع جميع سبل الحياة عنهم خاصة في شهر رمضان.
وأكدت الجماعة، دعمها الكامل للخطوة التصعيدية التي بدأها المعتقلون بالإضراب عن الطعام، موضحة أن "النضالَ الذي يخوضه المعتقلون في شتى ربوع الوطن ضد سجانيهم وجلاديهم هو مشروع تحرُّر وطني بامتياز".
وشددت الجماعة على أن "ممارسات أجهزة الأمن ضد المعتقلين من تعذيبٍ وتغريبٍ ومنعٍ من العلاج ومنعٍ من سُبل الحياة هي جريمة؛ لن تسقط من ملفات الثورة، وسيدفع النظام ثمنها".