السيسي يهدر حقوق مصر التاريخية بمياه النيل من عنتيبي بعد أديس أبابا

- ‎فيتقارير

كتب محمد مصباح:

كعادته مع أوغندا التي ضرب حرسه الخاص علقة ساخنة شهيرة، استقبل أعضاء السفارة المصرية المتواجدين بأوغندا يرافقهم فرق رقص شعبية ومندوب من إدارة التشريفات بوزارة الخارجية الأوغندية، قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسى قبل قليل، فى العاصمة عنتيبى، للمشاركة فى قمة دول حوض النيل، التى تضم قادة وزعماء الدول المشتركة فى حوض النيل، لمناقشة قضايا النهر والملفات المشتركة المتعلقة بالأمن المائى.

وسيلقى السيسي كلمة أمام القمة لن تطالب بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، وهي المرة الثانية التي يهدر فيها السيسي حقوق مصر الثابتة منذ قرون بعد توقيعه على اتفاق سد النهضة مع الرئيس الإثيوبي، وهو الاتفاق الكارثي الذي أطلق يد إثيوبيا للتحكم بمياه النيل عبر سلسلة من السدود.

وهو ما عبر عنه المخلوع حسني مبارك في تسريبه الأخير على صفحة "احنا اسفين يا ريس" بقوله: إثيوبيا مكنوش يقدروا يفاتحوني في موضوع السد دا.. كت بعت ليهم طيارات تدكه…."، مضيفا: دول العالم بقوا بيستهيفونا"!!

ومن المقرر أن يقدم السيسي بمشاركته في اتفاقية عنتيبي الإطارية التي قاطعتها مصر ورفضها حسني مبارك منذ أكثر من 7 سنوات، تنازلات غير مسبوقة تهدد أمن مصر المائي، حيث تلغي الاتفاقية الإطارية اتفاقيات المياه التاريخية التي تحفظ حقوق مصر المائية لعامي 1929 و1952، التي كانت تضمن لمصر حصتها المائية، بجانب حقها في الفيتو على بناء أي سدود على النيل تضر أمنها المائي.

فشل متوقع
بينما يتوقع مراقبون فشل اجتماعات دول حوض النيل التي تعقد في العاصمة الأوغندية كمبالا، التي بدأت أمس الأربعاء، وتستكمل اليوم الخميس، بحضور وزير الخارجية سامح شكري. وهو الاجتماع الذي يناقش أهم النقاط الخلافية حول "اتفاقية عنتيبي" والموقف المصري الجديد حول الاتفاقية، بعد توقيع 6 دول عليها من حوض النيل والموقف المصري من أزمة سد النهضة.

وهو الاجتماع يعد الأول بعد رجوع مصر إلى منظمة دول حوض النيل بعد تجميد عضويتها في عام 2010، وسط تجاهل من إثيوبيا لمصر في مشروع سد النهضة، التي ستعلن جاهزية السد للعمل في أكتوبر المقبل، مستغلة حالة السبات التام التي تواجهها الحكومة المصرية في الوقت الحالي وتحركها الضعيف.

ملء سد النهضة بـ14 مليار متر
والغريب أن قمة عنتيبي اليوم، تترافق مع بدء السلطات الإثيوبية ملء سد النهضة وسط صمت رسمي مصري، حيث يبدأ حجب 15 مليار متر مكعب من النيل لملء السد الإثيوبي.

وكانت مصادر دبلوماسية، كشفت في تصريحات صحفية اليوم، أنه من المقرر أن تبدأ إثيوبيا رسميًا حجز المياه عن مصر خلال شهر يوليو المقبل، بتخزين 14 مليار متر مكعب من المياه بالبحيرة الموجودة خلف سد النهضة، لتشغيل توربينات الكهرباء، وهي الكمية المحددة ضمن المرحلة الأولى لملء الخزان. ومن المتوقع أن تستمر الحكومة الإثيوبية في عمليات التخزين لمدة 3 أشهر، بالتزامن مع بداية موسم الفيضانات المقبل في مطلع شهر سبتمبر المقبل، بفعل احتياج توليد الكهرباء إلى كميات كبيرة لتشغيل التوربينات، وهو ما تسعى إليه إثيوبيا من الآن فصاعدًا.

بينما تواجه مصر في ظل الانقلاب العسكري أزمة "شحّ المياه" المتوقعة، بالمزيد من الضغوط على الشعب المصري، عبر قطع المياه المستمر عن كافة المحافظات بصفة يومية، ما أدى إلى انتشار ظاهرة العطش وشراء المياه من المحلات. كما قُطعت المياه عن الكثير من الأراضي الزراعية، ما أدى إلى احتراق عشرات الأفدنة من المحاصيل، وضياع الملايين من الجنيهات على المزارعين. مع العلم أن وزارة الري والزراعة طلبت من المزارعين تقليل زراعة المحاصيل الصيفية، تحديدًا زراعة الأرز والقصب، على الرغم من أنها سلع استراتيجية، فضلاً عن عدم زراعة عدد من الخضروات والفاكهة بحجة استهلاكها كميات كبيرة من المياه.

ووصل الأمر إلى اتهام وزير الموارد المائية والري في حكومة الانقلاب محمد عبدالعاطي، المساجد بأنها "وراء إهدار المياه" بسبب "الوضوء".

ورأى كثير من الخبراء أن أزمة المياه في مصر ستؤثر سلبًا على كافة الخطط الاقتصادية في محافظات مصر، إضافة إلى ضياع الأراضي الحالية لأنها ستصاب بالتصحر، وستصاب الزراعة بالشلل التام.

ويقدر خبراء أن تُتلف "أكثر من 75% من مساحة الأراضي الزراعية المصرية التي يعمل بها ما بين 40 إلى 50 مليون مواطن".

غباء نظام باكمله
ولعل من الأمور التي تثبت فشل العسكر في الحياة المدنية، أنه حينما وقّعت مصر على وثيقة الخرطوم في إبريل 2015، كان من المفترض عمل اتفاقيات أخرى حول تفاصيل الملء ومدته، إلا أن هذا لم يحدث. كما أن إثيوبيا تتشبث بعدم وجود اتفاقية مصرية تلزمها بأن تكون حصة مصر المائية 55.5 مليار متر مكعب.

يشار إلى أن الحصة السنوية الثابتة من مياه نهر النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، في حين تستهلك مصر أكثر من 80 مليار متر مكعب، أي أن مصر تواجه كل عام عجزًا قدره 25 مليار متر مكعب، تقوم بتوفيره من خلال برامج الترشيد، والأمطار الموسمية، وإعادة تدوير ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي.