كتب سيد توكل:
"الرب أرسل السيسي ليحمي مصر ويحفظ وحدتها"، هذا ما قاله بابا الانقلاب العسكري، تواضروس الثاني، فى أحد تصريحاته المؤيدة للعسكر، كما أنه أثنى على الكثير من القرارات التى اتخذها السيسى، خاصة مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة والتي راح ضحيتهما أكثر من 5000 آلاف شهيد، فيما أكد مراقبون أن استقبال بابا الانقلاب، بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، توماس راشل، نائب وزير التعليم الألماني والوفد المرافق له، ضرب تحت الحزام ورسالة تهديد للسيسي أن المسيحيين يتلقون دعما كبيرا من أوروبا.
اللعبة باظت!
ومنذ انقلاب السيسى في 30 يونيو 2013، ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، توطدت العلاقات بين السيسى وتواضروس حيث أصبح كل منهما يعلن تدعيمه للآخر، كما أن حضور السيسى احتفالات أعياد الميلاد أكثر من مرة زاد من ود العلاقة بين الطرفين .
ومع بداية 2017 وفى ظل الفشل الأمني الذي يتعرض له نظام السيسي، تفجرت أزمات بين الكنيسة والانقلاب، منها تعرية امرأة الصعيد، ومقتل مجدي مكين، وكذلك حادث الكنيسة البطرسية التى شهدت ولأول مرة هتافات من شباب المسيحيين ضد السيسى، كل هذه الأزمات طرحت العديد من التساؤلات، حول: هل العام الجديد سيشهد أزمة بين بابا الانقلاب والسيسى؟ وهل سينجح تواضروس في سحب ورقة المسيحيين التي تلعب بها المخابرات الحربية في سيناء؟
وفي تصريح صحفي اعتبر ممدوح حمزة الناشط السياسي، أن لقاء تواضروس مع المسئول الألماني رسالة إلى السيسي يحذره فيها من وسيلة اللجوء الأجنبي ضده.
وأضاف حمزة: المسيحيون على خلاف كبير مع السيسي، خاصة بعد فقدان الثقة فيه بعد أحداث التهجير الأخيرة التي تعرض لها مسيحيو شمال سيناء، وسط تخاذل أمني كبير لم يكن يتوقعه المسيحيون.
وكشفت تقارير صحفية أنه مع حالة الاختناق المسيحي في الفترة الأخيرة أسندت مؤسسة الرئاسة "الانقلابية" ملف أحداث الفتنة الطائفية إلى مستشار السيسي اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية الأسبق.
تهديد واضح
وخلال استقباله وفد اللجنة الدينية في برلمان الدم، قال تواضروس إن "الكنيسة تسيطر حتى الآن على غضب المسيحيين في الداخل والخارج، لكنها لن تصمد كثيرًا أمام الغضب"، معربًا عن خشيته من إقرار برلمان الدم قانونًا جديدًا ينظم بناء الكنائس تضطر الكنيسة إلى رفضه؛ لأن الكنيسة لن تقبل بعد الانقلاب إلا ما اتفقت عليه مع السيسي.
وتابع: "أصدرت أمرًا لمسيحيي المهجر في الولايات المتحدة بالتراجع عن التظاهر ضد الأحداث الطائفية الأخيرة، وقلت لهم مفيش مظاهرات تتعمل، وحتى الآن أنا مسيطر عليهم لكن مش كلهم بيسمعوا الكلام".
ونظمت منظمة "التضامن القبطي" وقفة أمام البيت الأبيض في 2 أغسطس الماضي، للاحتجاج على ما وصفوه بـ"الاضطهاد والاعتداءات اليومية التي تقع على المسيحيين بمصر في عهد السيسي، وسط تواطؤ حكومي مريب"، وهو الأمر الذي يشير إلى أن جناحا في الانقلاب يلعب بورقة المسيحيين.
تواضروس قال: "مسئولية الدولة الرئيسية هى حماية مواطنيها، خاصة الأقليات غير المسلمة، التى تحتاج إلى حماية ورعاية خاصة، لتوحش التطرف الإسلامي فى مصر والشرق الأوسط فى الوقت الراهن".
وسارع السيسي باستقبال بابا الانقلاب وعدد من أعضاء المجمع المقدس والقيادات الكنسية بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، وكان أبرز الحاضرين: الأنبا هيدرا مطران أسوان، والأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها، والأنبا لوكاس أسقف أبنوب والفتح، والأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا، والأنبا رافاييل الأسقف العام وسكرتير المجمع المقدس، والمهندس كمال شوقي عضو المجلس الملى بالإسكندرية، والأنبا بيمن أسقف قوص.
اصطفاف الكنيسة والانقلاب
دعوات بالرحيل وإسقاط حكم السيسي كانت قد سيطرت على هتافات مظاهرات المسيحيين أمام الكاتدرائية، للتعبير عن غضبهم بعد التفجير الذي وقع صباح 11 من ديسمبر الماضي، داخل الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية، والذي راح ضحيته 25 شخصاً، وأصيب فيه 49 آخرون.
الغضب الذي اجتاح المسيحيين أمام الكنيسة بدأ يعلو، من هتافات مطالبة بإقالة وزير الداخلية في حكومة الانقلاب مجدي عبدالغفار إلى مطالب برحيل السيسي، رأس الانقلاب، فيما حاول بعض الأشخاص منعهم من ذلك.
واصطدم عشرات المسيحيين مع بعض الإعلاميين الموالين للانقلاب ومنعوهم من دخول الكاتدرائية، وللتهدئة شارك السيسي في مراسم تشييع الجنازات، وظهر معه فقط رئيس وزراء الانقلاب المهندس شريف إسماعيل ووزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وعدد من الوزراء والشخصيات العامة في الانقلاب، جاؤوا يتوددون إلى تواضروس للعودة إلى "الاصطفاف العسكري".. الذي يبدو أنه لم يعد متماسكا الآن بالدرجة نفسها.