كتب: يونس حمزاوي
شهدت العلاقة بين السلطة القضائية، والسلطة التشريعية الممثلة في مجلس نواب العسكر، مزيدا من التأزيم؛ على خلفية التقرير الصادر عن قسم «الفتوى والتشريع» بمجلس الدولة، الرافض لمشروع قانون "الهيئات القضائية" الذي وافق عليه البرلمان، بينما يؤكد عدد من نواب برلمان العسكر أن "المجلس سيد قراره"، ولا وصاية للقضاء عليه، بما يهدد بمزيد من إسكاب الزيت على النار.
ويؤكد مراقبون أن البرلمان ما هو إلا خادم لسيده عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب، ولا يمكن أن يقدم على مثل هذه الخطوة ضد القضاء إلا بضوء أخضر من جانب السيسي وأجهزته الأمنية، التي تستهدف حصار ما تبقى من استقلال لدى السلطة القضائية، والذي تبدى في عدة أحكام مؤخرا، أهمها على الإطلاق الحكم ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، التي تنازل بمقتضاها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للجانب السعودي مقابل عدة مليارات من الدولارات.
يذكر أن مشروع القانون الذى وافق عليه مجلس النواب، تضمن إعطاء قائد الانقلاب سلطة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، على أن يتم الاختيار ما بين أقدم ٣ نواب بكل هيئة ترشحهم الجمعيات العمومية لتلك الهيئات.
عدم الدستورية
وكان قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار أحمد أبوالعزم، قد أكد وجود شبهات بعدم الدستورية في مشروع القانون الذي أقره البرلمان، بشأن تعيين رؤساء الهيئات القضائية.
وأكد أن «المشروع لم يعرض على الجهات والهيئات القضائية، وذلك بالمخالفة لنص المادة ١٨٥ من الدستور، التى نصت على أن تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، وتكون لكل منها موازنة مستقلة، ويناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة، رقما واحدا، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها».
وأضاف التقرير أن «المشروع خالف مبدأ الفصل بين السلطات المقرر فى المادة ٥ من الدستور، والتى نصت على أن يقوم النظام السياسى على أساس الفصل بين السلطات والتوازن بينها». لافتا إلى أن المشرع إذا خرج فيما يقره من تشريعات على هذا الضمان الدستورى، بأن قيد الحرية أو حقا ورد فى الدستور مطلقا أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستوريا، وقع عمله التشريعى مخالفا للدستور».
ولفت التقرير إلى أن المشروع مخالف أيضا لمبدأ استقلال السلطة القضائية، حيث نصت المادة ١٨٤ من الدستور على أن السلطة القضائية مستقلة، ونصت المادة ١٨٥ منه، على أن تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، ونصت المادة ١٨٦ على أن القضاة مستقلون، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم، ويحول دون تعارض المصالح.
ونبه التقرير إلى أن: «المشروع يعطى لرئيس الجمهورية سلطة اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهو رئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس التأديب الأعلى، بموجب المادة ١٠٧ من قانون السلطة القضائية، ويعطيه سلطة اختيار رئيس مجلس الدولة، الذى هو رئيس المحكمة الإدارية العليا، ورئيس مجلس التأديب بموجب المادتين ٤، و١١٢ من قانون مجلس الدولة، هو عين التدخل فى شئون القضاء، حيث لا يكون الاستقلال تاما إلا أن يكون اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية بيد السلطة القضائية، لا بيد السلطة التنفيذية، ومن ثم يكون المشروع المعروض مشوبا بشبهة عدم الدستورية».
وترى النائبة سوزي ناشد، عضو «تشريعية برلمان العسكر»، أن المجلس ليس أمامه إلا عرض تقرير مجلس الدولة على الجلسة العامة، وإحالته إلى اللجنة التشريعية للأخذ بالملاحظات الواردة من قسم الفتوى والتشريع، مضيفة في تصريحات صحفية اليوم الإثنين، أن «البرلمان ارتكب مخالفة دستورية واضحة، بتجاهل عرض التعديل الجديد المقدم من (الشريف) على نادى القضاة والهيئات القضائية لأخذ رأيها فيه».
المجلس سيد قراره
ويؤكد النائب نبيل الجمل، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس نواب العسكر، أنهم سيناقشون رأي مجلس الدولة في رفض مشروع قانون السلطة القضائية، فيما يتعلق بتعيين رؤساء الهيئات القضائية المختلفة.
وأضاف الجمل- في تصريحات صحفية اليوم الإثنين- أن مجلس النواب سيد قراره في النهاية، ويحق له الأخذ برأي مجلس الدولة أو عدم الأخذ به، وفقا لما خوله له الدستور في هذا الشأن.
ويرى النائب الدكتور صلاح حسب الله، عضو المكتب السياسى لائتلاف دعم الدولة، أن البرلمان لم يخطئ بشأن إجراءات القانون.
وأشار «حسب الله» إلى أن البرلمان لا يتغول على أحد، وتقرير مجلس الدولة بشأن المشروع ليس ملزما للنواب.