كتب: سيد توكل
"انزل انزل من عابدين يا سفاح دير ياسين"، بهذه العبارات استقبل الشعب المصري المنتشي بانتصار حرب أكتوبر 1973، الإرهابي الصهيوني "مناحم بيجن"، ودعا السادات «بيجن» إلى زيارة مصر، وعقد مؤتمر قمة في الإسماعيلية، وبعد اجتماع الإسماعيلية بدأت اللقاءات وأيضًا المماطلات الإسرائيلية.
وقامت الشرطة بتفريق المظاهرات الرافضة لزيارة "بيجن" للقاهرة، واعتقلت سلطات العسكر العشرات من المصريين وأصيب عدد كبير، فيما قتل برصاص الشرطة عدد من المصريين في مسيرات ضد التطبيع مع الاحتلال الصهيوني.
جاء "بيجن" إلى الإسماعيلية للقاء "السادات" يوم احتفال السادات بعيد ميلاده، وكان يطمع فيما هو أكثر من الإسماعيلية، كانت عينه على زيارة القاهرة، فقال أمام السادات: "أود مشاهدة أهرام أجدادي".
مذبحة دير ياسين
وعلى يد "بيجن" جرت أبشع مذبحة عرفتها البشرية في العصر الحديث، وهي مذبحة دير ياسين، قرية وادعة قرب القدس، اقتحمها الصهاينة الجبناء وهي نائمة الساعة الثالثة فجرا ، وارتكبوا فيها مجزرة؛ لم يتركوا فنا من فنون الإجرام السادي إلا وطبقوه على سكانها.
كانت دير ياسين وحدها في تلك الجمعة الدامية بأطفالها ونسائها وشيوخها أمام الصهيونية بتلمودها وأسفارها الدموية وبربريتها ووحشيتها وساديتها وخدمها وعبيدها من الغرب والعرب بالتأكيد.
ورغم استغلال الظرف، إلا أن المذبحة لم تكن عفوية؛ بل كان مخططا لها على أعلى المستويات ومنذ زمن؛ لبث الرعب بين أبناء الشعب الفلسطيني وإجباره على الرحيل من أرضه، وقد وضعت عدة قرى لتكن مسرحا لتنفيذ هذا المخطط الرهيب، منها قرية عين كارم.
رغم كل ما قيل عن مذبحة دير ياسين، إلا أنه حتى الآن لم يعرف ما الذي جرى تماما فيها، لم يعرف حجم الجريمة رغم كل ما ظهر فيها من بشاعة، لم يعرف كم أريق من دماء رغم عطش السفاحين للدم، لم يعرف حجم الخيانة والمؤامرة رغم الفضائح التي زكمت الأنوف، إلا أن ما عرف هو أن دير ياسين هي أول من فضحت موت الضمير العربي.
جيش كامب ديفيد
عرض الصهانية على جيش "كامب ديفيد" بقيادة السادات ترك قطاع غزة مقابل التعهد بعدم اتخاذها منطلقًا للأعمال الفدائية، وكان هدفهم من ذلك عدم إثارة موضوع الضفة الغربية؛ شعر السادات أن الإسرائيليين يماطلونه؛ فألقى خطابًا في يوليو 1978 قال فيه: إن "بيجن" يرفض إعادة الأراضي التي سرقها إلا إذا استولى على جزء منها "كما يفعل لصوص الماشية في الفلاحين"، على حد وصف السادات.
وبقدوم الخريف، في سبتمبر 1978، ذهب السادات وبيجن لمنتجع كامب ديفيد الأمريكي بضيافة "كارتر"، في مناقشات استمرت "12 يوما متواصلة"، تمخضت عن "اتفاقية كامب ديفيد"، وهي الخطوة التي لاقت مناوشات معارضة دوت أصواتها في الشارع المصري والعربي.
بعدها بشهور قليلة، في 26 مارس 1979، وقع السادات وبيجن أمام الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر"، على "معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية"، وهي التي دفعت مصر تمنها غاليا حينها أمام المجتمع العربي بتعليق عضويتها بالجامعة العربية، ونقل المقر إلى تونس العاصمة، وأيضا "مقاطعة عربية" دامت لسنوات، لم تعد إلا ببداية التسعينات، بعد توقيع عدة دول عربية لاتفاقيات سلام وتمثيل مع كيان العدو الصهويني.