عسكر عاجزون.. مقترح أوروبي بتعويضات مالية مصرية لإثيوبيا من أجل إبطاء ملء سد النهضة

- ‎فيتقارير

في ظل الفشل الدبلوماسي والسياسي لنظام السيسي عن تحريك ملف التفاوض مع إثيوبيا نحو حفظ حقوق مصر المائية، بعد الصدمات المتوالية للسيسي والمصريين من قبل أديس أبابا، والتي كان آخرها تصريحات الخارجية الإثيوبية بأنه على مصر أن تنسى ما تسميه الحقوق التاريخية في مياه النيل، وهو ما مثّل انتكاسة جديدة للمفاوض المصري، بعد أن تسبّب السيسي في أكبر ورطة دبلوماسية وسياسية تهدد الأمن القومي المصري بل وكيان الدولة المصرية، بتوقيع اتفاق سد النهضة في مارس 2015.

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، اليوم، عن أن جهات أوروبية تجري دراسة لإيجاد مخرج من أزمة تعثر مفاوضات سد النهضة، التي كان من المزمع الانتهاء من الاتفاق حولها في فبراير الماضي بواشنطن.

التصوّر الأوروبي شارك في إعداده مركز أبحاث يحمل طابعا رسميا؛ بهدف التوصل إلى صيغة حل ترضي جميع أطراف أزمة سد النهضة، وتراعي احتياجات الدول الثلاث ومتطلباتها. وقالت المصادر إن المقترح الأوروبي يقوم على سياسة التعويض لتخفيف الأضرار التي ستترتب على الأطراف كافة، موضحة أن المقترح ينصّ على رعاية الاتحاد الأوروبي للاتفاق وإنشاء صندوق يُقدَّم من خلاله تعويض لأديس أبابا مقابل اتّباع سياسة بطيئة في ملء خزان السد، بشكل يدعمها في تحقيق التنمية الداخلية بوتيرة مناسبة، لحين الانتهاء من ملء خزان السد خلال عدد أكثر من السنوات بما يخفف من الأضرار الناجمة والواقعة على الأمن المائي المصري.

وأشارت المصادر إلى أن أبرز السلبيات التي يتضمنها التصوّر الأوروبي والذي عُرض للدراسة على الدول الثلاث (إثيوبيا، مصر، السودان)، هي قفزه فوق مبدأ الحصص التاريخية، وعدم تضمينه ما يقرّها.

وقالت المصادر إن آلية صندوق التعويضات ستُموَّل وفقا للتصوّر المطروح من جانب الاتحاد الأوروبي ضمن الشق الخاص بحفظ مصالح دول الاتحاد في تلك المنطقة، بما يضمن الاستقرار بها وعدم اندلاع حرب مياه من شأنها إشعال المنطقة برمّتها وتهديد مصالح أوروبا. وأضافت أن التصوّر اقترح مشاركة عدد من القوى الأخرى من خارج الاتحاد، وفي مقدمتها دول الخليج، للإسهام في الصندوق من منطلق نفعي، يضمن حماية وتأمين استثماراتها الواسعة في إثيوبيا ومنطقة القرن الإفريقي، بفعل امتلاك الدول الخليجية استثمارات ضخمة في إثيوبيا، معظمها يتركز في المجال الزراعي.

وكان الاتحاد الأوروبي قد رحب، في بيان الخميس الماضي، باستئناف المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة، مشدّدا على أهمية خفض التوتر بين الأطراف الثلاثة. وقال الممثل الأعلى للشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إنه “يرحب باستئناف المحادثات بين إثيوبيا ومصر والسودان حول أزمة سد النهضة”.

وأكد خلال محادثاته مع مفوض السلام والأمن في الاتحاد الإفريقي، إسماعيل شرقي، “أهمية خفض حدة التوتر بين الأطراف والسعي لإيجاد حل يرضي الجميع”، كاشفا عن استعداد بروكسل لتقديم الدعم للجميع.

وواكب ذلك تأكيد وزير المياه والري والطاقة في إثيوبيا، سيليشي بيكيلي، أن بلاده لن تعترف بالحقوق التاريخية لمصر في مياه نهر النيل. ونقلت الصحفة الرسمية لوزارة الخارجية الإثيوبية على موقع “فيسبوك”، جانباً من كلمة بيكيلي أمام ممثلي الأحزاب السياسية ورجال الدين في إثيوبيا حول تطورات المفاوضات والوضع الحالي.

وقال الوزير إن المحادثات الثلاثية بشأن سد النهضة “فيها ميل مصري لتأكيد ما يُسمى الحقوق التاريخية في المياه، التي لا يمكن قبولها من قبل إثيوبيا أو دول نهر النيل”.

من جانبه قال وزير الخارجية الإثيوبي، جيدو أندارجاشيو إن موقف بلاده ثابت من استخدام مواردها المائية بشكل منصف ومعقول، بما يتماشى مع المبادئ المُتفق عليها بالتعاون و”بعدم التسبب في أي ضرر كبير”.

يشار إلى أن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أفقد قوة مصر القانونية والسياسية في ملف سد النهضة، إثر عدد من الخطوات العبثية التي حذرت من مغبتها القوى الوطنية والمعارضة والخبراء المتخصصين، ومنها؛ توقيع اتفاق المبادئ في مارس 2015، والذي تجاوز حصة مصر التاريخية بمياه النيل المنصوص عليها في اتفاقات 1959، وعدم لجوء السيسي لاستعمال حق مصر في الشكوى الرسمية لمجلس الأمن أو المؤسسات الدولية، وعدم اللجوء لاتفاق 1993، الموقع بعهد مبارك، والذي يتضمن عدم إقامة سدود على النيل تضر بدول المصب إلا بعد استشارتها والاتفاق معها.