ثورة شعب لا ثورة جياع

- ‎فيمقالات

ثورة شعب لا ثورة جياع
مظاهرات جديدة في ذكرى مظاهرات سبتمبر العام الماضى، التى دعا إليها المقاول "محمد على"، وقد ذهب البعض حيال هذه المظاهرات مذاهب شتى، فالنظام الانقلابى كعادته ينكر أن هناك المظاهرات من الأساس، بل إن فضائيات الانقلاب تعلن أن هذه المظاهرات مفبركة، ومقاطع الفديو التى تبثها الجزيرة، وقنوات الشرعية، هى من مظاهرات العام الماضى. والطريف أن العام الماضى، أنكروا أشد الإنكار أن هناك مظاهرات من أصله!!

ومن الواضح أن هناك تعميما وتوجيهات موحدة لكافة الفضائيات الانقلابية، بكيفية الرد على دعوات النزول للاحتجاج بالتذكير بـ"إنجازات" قائد الانقلاب وضرورة الحفاظ على "المكتسبات" التي تحققت خلال سبع سنوات -من حكم الطاغية- مع التخويف من الجماعات المعارضة و"الإرهابية" التي لا تريد الخير لمصر، وإذا ذهب السيسى من الذى سيحكم مصر، وغير ذلك من رسائل الشئون المعنوية الموجهة.
ومع ذلك فإن واقع المظاهرات فرض نفسه على الإعلام الانقلابى، وهو ما يعكس حالة الرعب التى يعيشها النظام.

فقد اعترف أحد الأرجوزات الفضائية – عمرو أديب- بخروج عدد من المواطنين في بعض القرى والمحافظات للتظاهر. وقال:"إحنا هانقول الحقيقة، أيوة كان في مظاهرات في عدد محدود من المحافظات، وتم فضها، ولم تستمر طويلاً.. وعلى المسئولين في مصر الاستماع إلى طلبات المواطنين، والعمل على سرعة تلبيتها، والاستجابة لها".
فقد اعترف هذا الأراجوز بوجود مظاهرات، وأنه تم فضها، ويطالب المسئولين بسماع طلبات المواطنين.
انتبه الكرسى يهتز.. والانقلاب يرجع إلى الخلف..

أما الإعلام المعارض والداعم للشرعية، فبدلاً من أن يوضح للشباب إبداعات في الحركة والتظاهر، وتشجيعهم على النزول وكسر حاجز الخوف.
للأسف هذا الإعلام، جعل جل اهتمامه اتهام الإخوان بأنهم لم يصدروا بيانات تؤيد التظاهر، مع علمهم بمخاطر هذا الإعلان.

وكأن مشاركة الإخوان ضمن بيان " القوى والرموز الوطنية، الذى جاء بعنوان: "نحيي انتفاضة شعبنا ونتعهد بتوحيد صفوفنا" لا يكفى؟ حقيقة عجيب أمر هذا الإعلام، الذى لايزال يتعامل مع الإخوان، بمنهجية "جحا وابنه والحمار"!!

وهناك من يرى أن "محمد على" بهاتفه الخلوى، استطاع أن يحرك الشارع المصرى، ونجح فيما فشلت فيه المعارضة منذ سبع سنوات، وهذا القول تعوزه الدقة والإنصاف، ومثل هؤلاء في ذلك مثل الرجل الذى ظل يضرب ضخرة ليحطمها، فضربها ألف ضربة لكنها لم تتحطم، ثم جاء شخص غيره فضربها ضربها واحدةً فحطمها.
فهل معنى ذلك أن الصخرة تحطمت بهذه الضربة اليتيمة، أم أن هناك جهود وتضحيات قدمت منذ سبع سنوات، وهناك ألاف الشهداء، وألاف السنوات من أعمارالشباب في غياهب السجون والمعتقلات، وألاف المطاردين والمشردين.

وعندما اندلعت المظاهرات، يوم 20 سبتمبر 2020، فى قرية "الكداية "مركز أطفيح محافظة الجيزة. ذهب علاء عابد ضابط أمن الدولة السابق، وقاسم فرج عضوا برلمان العسكر إلى قرية "الكداية"، والجلوس مع أهلها، لعقد اجتماعً مع كبارعائلات القرية التي أشعلت احتجاجات 20 سبتمبر، وخرجت للتظاهر يومين متتالين بأعداد كبيرة، وطلبوا من وجهاء القرية، بعدم السماح بالتظاهر ووعدوا بحل مشاكلهم.

وهذه المظاهرات، جاءت نتيجة لتراكم حالات الظلم والقمع والقهر، وازدياد معدلات الفقر والبطالة، والتردى الاقتصادى وغلاء الأسعار، والتفريط في مياه النيل، وثروات ومقدرات الشعب من الغاز، وإغراق البلاد بالديون والقروض.

وقد غلب عليها أنها شبابية، من شباب صغار السن، كسروا حاجز الخوف، وخرجوا للشوارع مطالبين برحيل نظام الانقلاب، لما يرونه من فساد وفشل.

وقد بدأت من القرى على عكس تظاهرات الخامس والعشرين من يناير، التى بدأت من القاهرة الكبرى وبعض المدن كالسويس وغيرها.

وفى حين كان شعار تظاهرات يناير، "عيش حرية كرامة إنسانية"، كان شعار هذه المظاهرات "لا إله إلا الله السيسي عدو الله"، مايعنى أن المطلب الأساسى رحيل قائد الانقلاب وحكم العسكر، الجاثم على صدر الشعب منذ عقود.

والعجيب أن قائد الانقلاب، مازال يتغابى ولم يعِ الرسالة الموجهة من الشباب حتى الآن، بالرغم من أنه قال خلال افتتاحه مشروع محور المحمودية بالإسكندرية، قبل ثلاثة أسابيع "لو مش عايزني أبقى موجود هنا، أنا معنديش مشكلة".

كما مسرحية انتخابات مجلس الشيوخ، كانت صادمة للنظام، واعتبرها كثير من المراقبين بمثابة استفتاء على نظام الانقلاب، حيث كانت نتيجة التصويت 9% على حد زعمهم، وهذه النسبة مشكوك في صحتها، مما جعل الهيئة الوطنية للانتخابات، تقرر إحالة 54 مليون مواطن للنيابة بسبب تخلفهم عن المشاركة في الانتخابات!!

وقد تعجبت من تصريحات بعض الحالمين، الذين يطالبون بانتخابات رئاسية مبكرة، بإشراف دولى ومراقبيين دوليين، دون تدخل من سلطة الانقلاب.

وهذا لا يعدو عن كونه نوع من أحلام اليقظة، لأن من جاء بالدبابة لايرحل بالصندوق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كيف يسمح الجنرال المنقلب بانتخابات حرة، وقد زج بكل من فكر في الترشح أمامه في السجن، بالرعم من أنهم أبناء المؤسسة العسكرية، لمجرد أنهم فكروا في الترشح -عنان وشفيق وقنصوة-.

قيل لأحد الطغاة..
تسعة من كل عشرة يكرهونك..
قال لا يهمني..
مادام العاشر مسلح.
فكيف إذا كان العاشر مسلح ومخبر وعميل وخائن؟!!