العميل والرئيس.. ما بين مفاوضات أنقرة وواشنطن وتهريج السيسي تتكشّف الحقائق

- ‎فيتقارير

عاد الحديث مؤخرا بشكل كبير عن أزمة سد النهضة، بعد إعلان عصابة صبيان تل أبيب عن وصول المفاوضات مع الجانب الإثيوبي إلى طريق مسدود، وتنوعت اتجاهات المحللين والمراقبين حول تراخي عصابة الانقلاب في صياغة حلٍّ ناجعٍ لا يضر فعليًّا بالأمن القومي للبلاد.

مراقبون اتهموا الجنرال “الأوزعة” شخصيًّا بتعمد وصول الأمور إلى هذا الحد، ليتمكن من تنفيذ أحلام قديمة راودت إسرائيل في الحصول على نصيب من مياه النيل بغية إحياء صحراء النقب واستخدامها في استزراع محاصيل قومية مثل الأرز والقمح، وقارنوا بين اتفاق سد النهضة واتفاق عملية نبع السلام في شمال سوريا.

وتحدث كاتب تركي عن كواليس المفاوضات الأمريكية التركية، التي وصلت إلى اتفاق مهلة الـ120 ساعة في منطقة شرقي الفرات شمال شرق سوريا، وقال عبد القادر سلفي، في مقال له على صحيفة “حرييت”: إنه على الرغم من الأزمة العميقة التي خلقتها “رسالة ترامب”، كانت التطورات تسير باتجاه إيجاد “حل وسط” بين واشنطن وأنقرة.

ولفت إلى أن المفاوضات بدأت مع الاتصال الذي جرى بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن طلب الأخير إرسال فريق أمريكي إلى أنقرة للتباحث حول العلاقة بين البلدين والتطورات السورية.

الـ120 ساعة

وعلى الفور سارع الفريق الأمريكي إلى التحرك باتجاه أنقرة، لافتا إلى أن مطالب أردوغان المتمثلة في إلقاء الوحدات الكردية المسلحة السلاح وانسحابهم من المنطقة الآمنة، كانت أرضية المفاوضات بين الطرفين.

وما بين مارثون مفاوضات الـ120 ساعة التي خاضتها تركيا بقيادة الرئيس أردوغان، وبين التهريج الذي قام به جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، مثل ما بين السماوات والأرض، إذ انتهى أمر النيل شريان مصر بالتنازل من طرف السفيه، وبالقسم الشفهي من طرف رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد”.

وللوهلة الأولى تخيل “آبي أحمد” أن السفيه السيسي يمازحه، إلا أنه وجد جنرالًا يجتهد في التفريط في ثروات مصر، وهنا وجدها “آبى أحمد” فرصة لن تتكرر، وأقسم ساخرا وهو يضحك قائلا: “والله والله.. لن نلحق الضرر بمصر”.

دموية ووحشية

ولا يوجد أحد في العالم بالتأكيد يفكّر في المقارنة بين الرئيس التركي أردوغان والسفيه السيسي، فالسفيه السيسي بدأ حكمه بالانقلاب على رئيس منتخب ديمقراطيا، وفضّ الاعتصامات الاحتجاجية بطرق دموية وحشية، وفرض قانون الطوارئ، وأفرغ الحكومة والبرلمان والقضاء من معانيها.

وسلّط أجهزة أمنه على أهالي سيناء بدعوى مكافحة الإرهاب، وحوّل بلاده إلى محميّة إماراتية وتبعية سعودية، ودعم خططهما في الثورة المضادة في ليبيا واليمن والسودان، بحيث صار رمزا في المظاهرات العربية والملاعب الرياضية للحكم الغاصب والغاشم والمتجبر، والعدو لأحلام الشعوب بالديمقراطية والحرية.

والأنكى من ذلك في مجال المقارنة بين الزعيمين، أنه بعد نجاح إثيوبيا في بناء سدّها الكبير الذي سيؤثر على وضع المياه في مصر، وقّع السفيه السيسي “اتفاق مبادئ” مع إثيوبيا، عام 2015، وكان اتفاقًا لا يَضمن- بحسب الدكتور أحمد المفتي المستشار القانوني لوزارة الري المصرية- “نقطة مياه واحدة لمصر”؛ لأن السفيه السيسي اتّخذ القرار، مثل كل قراراته السياسية الأخرى، بنفسه وأهمل آراء الخبراء والدراسات وبحوث الجدوى.

وفي مؤتمر الشباب الأخير في مصر، اعتبر السفيه السيسي أن المتسبب في أزمة السد الإثيوبي هي “ثورة يناير”، وليس لأنه عميل لإسرائيل فقط، وأنه ضيّع حق المصريين عندما طلب من “آبي أحمد” أن يقسم بالعربية “والله والله لن نقوم بأي ضرر بالمياه في مصر”!.