“الرومان” يعطون العالم درسا في محاربة الفساد.. ماذا عن مصر؟

- ‎فيأخبار

كتب إسلام محمد:

قرر الشعب الروماني منح حكومته والعالم درسا خصوصيا في مكافحة الفساد وحتمية محاسبة الفاسدين، حيث يحتشد عشرات الآلاف منه منذ أيام احتجاجا على خطط الحكومة للتخفيف من قوانين مكافحة الفساد عبر إنهاء تجريم بعض المخالفات والعفو عن بعض السجناء المدانين.

ورفض الرومانيون مغادرة الشوارع رغم تراجع الحكومة عن تلك القرارات، مؤكدين أنهم لن يغادروا إلى منازلهم إلا بعد القضاء على الفاسدين بشكل تام ومحاسبتهم على ما اقترفوا في حق وطنهم.

رفض القوانين الحكومية لم يكن من جانب المواطنين فحسب؛ بل انتقدها رئيس البلاد والنائب العام والمحكمة العليا وكبير ممثلي الادعاء لمكافحة الفساد ورئيس إدارة مكافحة الجريمة المنظمة، إضافة إلى جماعات للحقوق المدنية ودبلوماسيين. والمثير أن الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس شارك في مظاهرة ميدان الجامعة يوم الأحد لرفض المراسيم الحكومية.

ويشير مراقبون إلى أن الهدف من الخطوة الحكومية تأتي لحماية زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي ليفيو دراجنيا، من الملاحقة القضائية؛ حيث يتهم بإساءة استخدام السلطة بأضرار بلغت مئة ألف ليو.

وتعتزم الحكومة بناء على مسودات القوانين، التي أثارت الغضب في الشارع، أيضا العفو عن مدانين حُكم عليهم بأقل من خمس سنوات لارتكابهم جرائم معينة، وتخفيض الأحكام الصادرة على كل السجناء فوق سن الـ60 والمصابين بمرض ميؤوس من شفائه، أو من يعول أطفالا بغض النظر عن جرائمهم، ويبلغ عدد المدانين المراد العفو عنهم نحو 2500 سجين.


 
ماذا عن بلادنا؟
ويُذكر الموقف الروماني بالكارثة التي تعيشها مصر منذ زمن طويل، وما تزال مستمرة؛ حيث تحمي السلطة الفساد بشكل رسمي، وتقاوم بشراسة أية تحركات للقضاء عليه أو اجتثاث رموزه. فيما يغيب الشعب تماما عن المعادلة، ولا يشعر بموجات الفساد المتتالية التي أدت إلى سرقة مليارات الجنيهات من المال العام وعشرات الآلاف من الأفدنة التي يمتلكها الشعب المصري المنهوب، على مدى عشرات السنين.

ولم تكتف الدولة بالتغافل عن مواجهة الفساد، بل وتتفنن في محاربة رافضي الفساد، سواء بحكم العمل أو المتطوعين. ويبرز في هذا الإطار ما حدث مع المستشار هشام جنينية رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي تتم معاقبته بسبب التجرؤ على كشف فساد بمبلغ يصل إلى 600 مليارات جنيه، حيث تم عزله، ومحاكمته، وصدر قرار بحبسه.

في الوقت الذي يتم فيه الكشف عن قضايا فساد أخرى عن طريق الرقابة الإدارية، التي يعمل بها نجل قائد الانقلاب، في مفارقة مدهشة لكافة المراقبين. ويتكرر اضطهاد محاربي الفساد في كافة المصالح الحكومية تقريبا.

أما البرلمان الذي يفترض أن يحارب الفساد، فلا يعرف عن هذا الدور شيئا؛ بل تم الكشف مؤخرا عن شراء رئيسه 3 سيارات بمبلغ 18 مليون جنيه، في الوقت الذي تتم مطالبة الشعب بالتقشف والاكتفاء بوجبتين في اليوم لتوفير ثمن الوجبة الثالثة.

ولا يُعرف بالتحديد بداية تاريخ فساد المسئولين في مصر، إلا أن هناك أسماء بارزة في هذا الإطار، على رأسهم يوسف والي وزير الزراعة الأسبق، وصلاح هلال وزير الزراعة السابق، وماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق، وحمدي الفخراني أحد داعمي الانقلاب العسكري.. وغيرهم.