استمرار الإرهاب بسيناء.. اختيار السيسي للبقاء وابتزاز الغرب وقمع الداخل

- ‎فيتقارير

أثارت الحلقة الأخيرة بمسلسل الاختيار التي عرضت ليلة 29 رمضان، على قناة أون، جدلا كبيرا، حاول من خلالها جهاز المخابرات المشرف على الإعلام استثارة المشاعر، بطريقة موجهة لخدمة اهداف نظام الانقلاب، الذي يجيد التجارة بالدماء وبالإرهاب.

إلا أن الفضيجة الاكبر، والتي وقعت بالفعل في عملية البرث، أن الجيش المصري بدا وكانه يعمل في حوارٍ منفصلة عن بعض، فرغم استغاثة عناصر الكمين بالعمليات، إلا أن الطيران الحربي الذي شارك في إطفاء الحرائق في إسرائيل خلال دقائق، جاء متاخرا جدا ووصل بعد أن نجح الإرهابيون في قتل عناصر الكمين، ما يؤكد ترهل الجيش الذي يبدو متوحشا على المدنييين عاجزا عن مكافحة عناصر إرهابية مسلحة لأكثر من 7 سنوات من الخسائر المصرية.

سلاح السيسي للبقاء

واستمرت الحرب على الإرهاب في سيناء منذ تأسيس نظام الثالث من يوليو في 2013، وطوال 7 سنوات استمرت المعارك بين المسلحين والجيش والشرطة، ولم تنجح الدولة -رغم كل هذه السنوات- في القضاء على الإرهاب في سيناء؛ بل على العكس من ذلك ثمة العديد من المؤشرات التي تشهد بأن تنظيمات التطرف العنيف في سيناء باقية وتتمدد في مساحات جديدة، لعل من هذه المؤشرات حالة النشاط الأخيرة لتنظيم ولاية سيناء، مستفيدًا من انشغال الدولة بمواجهة أزمة كورونا وتداعياتها.

وجهتا نظر

وثمة وجهتي نظر حول سبب استمرار الحرب في سيناء طوال هذه السنوات، رغم الفروق الواضحة في القدرات بين الجيش المصري المصنف التاسع عالميًّا، وبين التنظيمات المسلحة في سيناء المحدودة من حيث العدد، أو من حيث منظومات التسليح.

وجهة النظر الأولى: تدفع بأن فشل الدولة في القضاء على الإرهاب في سيناء يعود لأسباب عسكرية بحتة؛ حيث يواجه النظام كيانات عنيفة محترفة، تمتلك تسليحًا مميزًا ودعمًا لوجستيًّا مستمرًّا، وعناصر مدربة، وخبرات عسكرية كبيرة، خاصة مع انضمام عسكريين مصريين لهذه التنظيمات، ومنهم هشام عشماوي ضابط الصاعقة المصري.

أما الثانية فترى أن استمرار المعارك بين مسلحين والقوات المصرية في سيناء طوال هذه السنوات رغم الفروق في الأعداد والقوات، يعود لأسباب سياسية وليست عسكرية أو عملياتية، وأن النظام المصري حريص على إطالة أمد الصراع مع التنظيمات المسلحة في سيناء، وعلى ألا يحقق الجيش نصرًا نهائيًّا وحاسمًا على مسلحي سيناء.

سيناريوهان للتعامل 

وفق ما سبق نصبح أمام أحد سيناريوهين؛ الأول: أن الحرب في سيناء ستستمر طالما عجز النظام عن القضاء على التنظيمات المسلحة هناك، وعجز عن تجفيف منابعها والمصادر التي تغذيها بالأفراد والموارد والأسلحة اللازمة. وفي هذا السياق فإن النظام نجح في الفترة الأخيرة في تقليص مناطق انتشار التنظيمات المسلحة وداعش سيناء، وفي الحد من فاعليتها، وأن الفترة القادمة قد تشهد تراجعًا كبيرًا في العنف في سيناء، وذلك بالرغم من التعتيم، ومن الأثمان الباهظة التي يدفعها مواطنو سيناء.

السيناريو الثاني: أن الحرب في سيناء لن تنتهي، ما دامت تقدم للنظام المبرر الذي يكمم به الأفواه، ويجرف الحياة السياسية، ويؤمم المجال العام، ويضمن من خلاله إسكات كل الأصوات المعارضة، وتصفية كل منافس محتمل. وما دامت تضمن للنظام تأييد تل أبيب ومن ورائها واشنطن، خاصة أن الحرب على الإرهاب في سيناء هي الجرافة التي تمهد الأرض لتنفيذ الصفقة المشبوهة. وبالتالي مهما خفت صوت التنظيمات العنيفة في سيناء وتراجعت فاعليتها، ومهما بدا النظام مسيطرًا على الوضع في سيناء، فلن ينتهي الصراع هناك، ما دام النظام ينفخ فيه، ويحول دون انطفائه.

وأمام تلك الأوضاع المتوترة والتي يراد استمرارها، فإن الإرهاب في سيناء لن يتوقف، إذ يمثل مبررًا وفزاعة بيد السيسي في مواجهة مطالب الديمقراطية والحريات، سواء التي تنطلق من الداخل أو الخارج.