أصحاب المعاشات في أزمة بعد تطبيق قانون “التأمينات”.. وخبراء: حق وليس منحة

- ‎فيتقارير

بعد سلسلة من التأجيلات أفرجت حكومة الانقلاب أخيرًا عن قانون التأمينات والمعاشات الجديد، وهو القانون الذي أثار جدلا واسعا بين الحقوقيين وأصحاب المعاشات بعد أن صدق عليه المنقلب عبد الفتاح السيسي عقب سلسلة من التأجيلات.

ونشرت الجريدة الرسمية قرار السيسي بالتصديق على قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، الذي حمل رقم 148 لسنة 2019. ومن المقرر أن يصدر رئيس مجلس وزراء الانقلاب اللائحة التنفيذية للقانون خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره، ونوهت الجريدة إلى أنه سيعمل بالقانون اعتبارا من أول يناير 2020.

ونص القانون على وقف صرف المعاش، في حال الالتحاق بأي عمل والحصول منه على دخل صاف يساوي قيمة المعاش أو يزيد عليه.

كما نص على وقف المعاش حال مزاولة مهنة تجارية أو غير تجارية منظمة بقوانين أو لوائح لمدة تزيد على خمس سنوات متصلة أو متقطعة، ويعود الحق في صرف المعاش في حالة ترك مزاولة هذه المهنة اعتبارا من أول الشهر التالي لتاريخ ترك المهنة، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون حالات وشروط مزاولة المهنة.

وعدل قانون المعاشات الجديد نظام سن الخروج على المعاش، وأصبح هناك نظام آخر من المقرر اتباعه فور صدور اللائحة التنفيذية. وهناك خطة لرفع سن المعاش بقانون المعاشات الجديد، لمعالجة العجز المالي في نظام المعاشات، وتخفيف العبء عن الخزانة العامة، لتكون 65 في أول يوليو 2040 بالتدرُّج وبقرار من رئيس الوزراء.

 قانون كارثي

الناشط  الحقوقي صبري عبده جاد، القانون الجديد بـ”الكارثة”، قائلا، إن”القانون كارثة ويشوبه عوار شديد، ويحرم بعض الطبقات من حقوقها رغم ادعاء الحكومة أنه يتضمن وضع حد أدنى للمعاشات، وربط زيادة المعاشات بنسبة التضخم سنويّا، وتقدير التأمينات على الأجر الحقيقي للموظفين، وإنشاء صندوق للرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات، كما يتضمن الاتفاق على آلية استثمار أموال التأمينات”.

وعدد في حديث له، مساوئ القانون قائلا: “لن يفيد أصحاب المعاشات، وسيوجه لهم ضربات اجتماعية قاسية كحرمان الابنة من معاش والدها عند بلوغها الـ24 عاما حتى إذا كانت غير متزوجة، أو عاملة، واحتساب المعاش عن كل سنوات الخدمة، وبهذا الشكل سيتعرض أصحاب المعاشات لتخفيض المعاش، بخلاف القانون الحالي الذى يكون متوسط الأجر فيه عن آخر سنتين فقط”.

وأضاف: “فضلا عن كارثة أخرى بشأن رجال الأعمال تكمن في دفع الاشتراكات بحسب قيمة الدخل الذي يحصل عليه العامل وليس الأجر الأساسي؛ ما يضطرهم إلى تخفيض الأجور، أو تسريح عدد من العاملين لديهم، كما اعتمدت وزيرة التضامن في صياغة القانون على معايير خارجية لا تتناسب مع المعايير الداخلية”.

وطالب جاد بالتدخل لمنع ما أسماه “بالكارثة من أن تقع، وهو دور السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب، على الرغم من أنه لم ينصف مطلقا المواطنين، ومرر جميع مشروعات قوانين الحكومة على غرار قانون الخدمة المدنية، وغيره من القوانين”.

 

تقليص أموال المعاشات

أما القيادي العمالي سيد حماد فقال، إن القانون  الجديد “يهدف إلى تقليص أموال أصحاب المعاشات الذين يحصلون عليها من أموالهم التي تم استقطاعها من رواتبهم بنسبة 40%، طوال فترة عملهم حتى سن المعاش”.

وأكد أن الدولة “تسعى إلى تقليل نفقاتها على أصحاب المعاشات من جهة، ورفعت عن كاهل أصحاب الأعمال عبء تحمل المزيد من الأموال، والحكومة لا تقف إلى جانب الموظفين والعمال بل ضدهم على طول الخط”، مشيرا إلى أن “أموال التأمينات والمعاشات تبلغ 841 مليار جنيه ( 50 مليار دولار) وعدد المؤمن عليهم 9.5 مليون موظف، ويتم استثمارها من خلال بنك الاستثمار القومي”.

واعتبر أن “مد سن المعاش من سن 60 إلى 65 سنة يشعر الشباب باليأس، ويغلق الباب أمام أي تعيينات جديدة، ويزيد من أعداد البطالة في مصر، ويحرمهم من فرصتهم في العمل، ولدينا مثال في الدول الأوروبية التي تعاني من الشيخوخة وتستجلب مهاجرين لعلاج هذه الأزمة، في حين نسير نحن عكس التيار”.

وأشار حماد إلى أن “من ضمن المساوئ أيضا، ربط نسبة العلاوة السنوية بنسبة التضخم بالموزانة العامة، وفي الأصل أنه ينفق على أصحاب المعاشات من أموالهم فما علاقتهم بنسبة التضخم التي تتحكم بها الحكومة، مع العلم أن الفترة القادمة ستشهد زيادات في المواد البترولية التي سوف تؤثر على جميع السلع، وستزيد من الأعباء على أصحاب المعاشات”.

حق وليس منحة

جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، انتقد قانون المعاشات الجديد، وكتب على صفحته على «فيسبوك»، « المعاش حق وليس منحة المعاش هو أموال تم اقتطاعها من أصحابها خلال مدة عملهم طوال حياتهم، ويستردونه عند الكبر، هي أموالهم، هي حقهم لا يجب سلبه منهم تحت أي ظرف”.

الكاتب الصحفي محمد فراج كتب أيضا على «فيسبوك»، أن «إصدار قانون المعاشات يعني انتقال الدولة من مرحلة ظلم الفقراء لصالح الأغنياء، وسرقة الشعب بمختلف أشكال الخداع، إلى مرحلة السرقة بالإكراه والسطو العلني بالقوة علي أموال عشرة ملايين من أصحاب المعاشات وأسرهم، دون أي مبالاة بدستور ولا قانون، ولا بمصير عشرات الملايين من المصريين».

وأضاف: “هذا إجراء فارق في تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي، ونرجو إلا يستخف أحد بعقولنا ويحدثنا عن غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي أو غيرها من أفراد الحكومة هم مجرد سكرتارية”.

 

مزيد من الأزمات

ووفقا لقانون المعاشات الجديد، فمن المقرر أن يكون سن المعاش 61 عامًا في 2032، و62 في 2034، و63 في 2036، و64 في 2038، و65 عامًا في 2040، على أن يكون سن المعاش للمؤمَّن عليهم من فئات أصحاب الأعمال والعمالة غير المنتظمة 65 عامًا.

وهذا يعني أن النظام الجديد لسن المعاش، وفقا لقانون المعاشات الجديد، يطبق على مواليد سنة 1972 حيث أنهم في 2032 سوف يبلغون من العمر 61 عاما، ما يعني أن بداية التطبيق ستكون عليهم.

القانون، وفق نصه، يهدف إلى الاعتماد على فلسفة المزايا المحددة الذى يتم في إطارها تحديد المزايا المستحقة للمخاطبين بأحكام قانون المعاشات الجديد، واستخدام طريقة التمويل الجزئي لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، ودمج قوانين التأمين الاجتماعي في قانون واحد للتأمينات الاجتماعية والمعاشات، والتوافق مع النصوص الدستورية ذات الصلة في الدستور المصري.